بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلنا في تدبرنا في سورة الحاقة إلى ختامها إلى نهاياتها إلى ختام السورة التي نزلت لأجل أن تشعر الإنسان بأهمية الوعي بالحقائق وأن الحقيقة وإن حاول ذلك الإنسان أن يغيبها عن فكره وذهنه لأسباب مختلفة لأهواء متضاربة لمصالح عاجلة فإن تغيب هذه الحقيقة عن الواقع وعن الوعي الفردي والجماعي للأمم والمجتمعات كفيل بأن يحطم تلك المجتمعات والحضارات ولو كانت قوية كفيل بإيقاع الإنسان الفردي في الندم والحسر حين لا ينفع الندم كفيل بأن يندم الإنسان على شيء لن يستطيع أن يستدركه في الآخرة يوم تحق الحق الحاقة.
في نهاياتها وبعد أن وقفنا في اللقاء السابق عند مواجهة الإنسان الذي أوتي كتابه بشماله لمصيره ذاك المصير الذي طالما كان يكذب ويجادل ويماري فيه الآن وقد وقعت الحاقة أصبح ذلك الإنسان متجردا عن ماله وعزته وسطوته وسلطانه لا مال ولا جاه ولا سلطان ولا حميم ينفعه ولا قريب يدافع عنه ولا أهل ولا عشيرة أين تلاشت كل تلك الآمال التي كان يعول عليها عاش في الدنيا يتكئ على حميم وتارة يتكئ على سلطان وعز وأنصار وأعوان يمدون له في الضلال والغي مدى يزخرفون له ما قد استقبح من الأعمال والأفعال والأقوال على الدعاء أنه لا يرى ولا يقوم إلا بالصواب والرشاد كما كان فرعون يقول بلسان المقال وما أهديكم إلا سبيل الرشاد يا فرعون أين الرشاد؟
ثم يصف بعد ذلك ذاك النبي الكريم موسى عليه السلام بأنه يريد لهم الفساد ويريد أن يخرجهم من أرضه ومن أرضهم بسحره هذا القلب للحقائق وذاك التزوير للحقائق الذي يعيش فيه ذلك الإنسان في الدنيا تساقط يوم القيامة يوم الحق ليس فيه إلا الحقائق حتى المكذب المعاند المخادئ الذي طالما كان يتوارى من الحقيقة ويتهرب منها لا يستطع إلا أن يقول الحق ولذلك تراه يوم القيامة وقد وقف مجردا عن ماله وعزه وسلطانه يتمنى على الله الأماني يا ليتها كانت القاضية.
إذن القرآن حين يقدم هذه الحقائق مؤكدا أن ما أعد لهؤلاء من عذاب إنما هو من جنس أعمالهم كل واحد من هؤلاء ونحن نرى أمثال ذلك كثير في الواقع الإنساني كما وقفنا عليه في المرة السابقة كل واحد منهم يستطيع أن يطعمه أمومة من الأمم ومجتمعا من المجتمعات ورغم كل ذلك تراه لا يحظ على طعام المسكين يترك ملايين البشر يعانون الجوع والإهانة والعطش وعدم الشعور بالأمان في أماكنهم وبلدانهم لأجل أن يحقق مصالحه العاجلة وشعور موهوم بالعزة والسلطة والقدرة على كل شيء ويفر من قبضة العدالة ذا كأن العدالة في الدنيا وعلى وجه الأرض عدالة نسبية ممكن يطبق جزء منها في مرة وقد لا تطبق أجزاء أخرى في مرات كثيرة.
فالقرآن حين يقدم قضية الإيمان بالحاقة والبعث يريد من أولئك الظالمين أن يرتدعوا وأن يفهم أولئك ممن استضعفوا في الأرض أن الله سبحانه قادر على أن يأخذ هؤلاء جميعا وأنه إذا أخذ فأخذته تكون رابية شديدة قوية إن بطش ربك لشديد ولكن سبحانه وتعالى أراد أن يجعل لكل أجل كتاب ويمهل ولا يهمل وبكل تلك التفاصيل بالقارئ عليها في جزاء الذي أوتي كتابه بشمال قلنا هذا الذي أوتي الكتاب بالشمال جزاؤه من جنس ما عمل.
ونحن نعلم جيدا ونقرأ ونفهم وعلينا أن نكون على قدر من الوعي أن تجار الحروب ومشعلي الفتن في معظم بلدان العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه وجنوبه هؤلاء ثلث ثلث من أصحاب المصالح العاجلة يتاجرون بكل شيء يتاجرون بكرامة البشر يتاجرون بدين البشر يتاجرون بالباطل وبالحق ويبيعون ويزورون ويغيرون ويشترون ويعيثون وينشرون في الأرض الفساد ولا أحد يوقف هذا الفساد هذا الطوفان الذي لن يترك أحدا وذكرنا في المرة السابقة وقلنا إن في الدنيا العقوبة ممكن أن تكون جماعية واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة سبيل النجاة أنك تنجو بنفسك من أمرك بالمعروف ونائك عن المنكر هذا الطوق النجاة لا بد أن يكون هناك من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة وذلك الفقه الذي أسسه القرآن في آياته وسوره المتعددة حتى تنجي حتى ينجيك الله مع من ينجي من الذين آمنوا.
ولذلك ربي سبحانه ذكر بعد عديد من قصص الأنبياء نجيناه والذين آمنوا معه نجي ناهود نجي نوح نجي كل الأنبياء ومن آمنوا معه هذه المبادئ كلها تأتي يوم وسورة الحق ومعها حقيقة جديدة وهي أن الإنسان يواجه مصيره فردا ويحاسب فردا ويجازى فردا وبالتالي لا ينبغي لأولئك الذين يتشدقون بزعم أن انتسابه لهذه الطائفة أو ذاك الحزب ينجيه عند الله أو يرفع درجته تتساقط هذه المبادئ وتتساقط هذه الوصاية وتتساقط هذه الأقنع الزائفة لتظهر الحقيقة واضحة أنك يا إنسان يا فرد عليك أن تفهم سواء تميت إلى هذه الجماعة أو تلك أو رفعت شعار ذلك الحزب أو هذا هذا لن يغني عنك من الله شيئاً انظر ماذا فعلت انظر ماذا عملت انظر ماذا قدمت بين يدي الله سبحانه لأنك ستقف أمامه ولن تجد أحداً يحاجج عنك ولا يدافع عنك ولن تجد من تحتمي به فاجعل من إيمانك بالله وتصديقك بالبعث حماية لك من كل ذلك.
من هنا قال جل شأنه في الحديث عن هذا الذي كذب وتولى قال فليس له اليوم هاهنا حميم مهما كنت اليوم مقرب من سلطان أو زعيم حزب أو طائفة أو جماعة ليس لك يوم القيامة حميم ولا حد يدافع عنك ولذلك في آيات أخر يوم يفر المرء من أخي كل أحد سيفر من كل أحد ولن يبقى لك إلا الواحد الأحد فانظر كيف إيمانك بالواحد الأحد كيف توحيدك بالواحد الأحد كيف تصديقك لما جاء في هذا الكتاب الذي أنزله الواحد الأحد الفرد الصمد قال ولا طعام إلا من غسلين وقلنا أن تأكيد القرآن على شكل وأصناف الطعام الذي يأكله الخاطئون يوم القيامة دليل آخر على ما يفعلونه في التحكم بمقدرات الأمم والشعوب وبني الإنسان ترى الواحد منهم اليوم له وتنصب له الموائد فيها أصناف الطعام مما لذ وطاب قد يأكل منه لقمة وربما لا يأكل ممكن أن يرمى البقية أينما يرمى ولكن ليس هذا فقط الشاهد الشاهد كذلك أنه في ذات الوقت الذي تنصب له هذه الموائد هو يقوم على تجويع غيره من بني الإنسان ترى نساءا وشيوخا وكهولا وكبارا وصغارا يهجرون من أرض إلى أرض ويخرجون من بلدانهم إلى بلدان ما عرفوها وبعضهم يغرق في الطريق وبعضهم يلقى حتفه في الطريق لأجل النجاة بأنفسهم وأولادهم وصغارهم لأجل في النهاية رغيف خبز وشربة ماء هذه من مقومات الحياة الإنسانية لا ينكرها أحد.
ونحن ذكرنا ونذكر أن هؤلاء الذين ساقت سورة الحق الحديث عن عذابهم أولئك الذين تحكموا في مقدرات الشعوب والأمم ويسومون الناس سوء العذاب ويحاصرونهم في قوتهم وأمنهم واستقرارهم ثم بعد ذلك يتشدقون ويتحدثون عن الأمن الغذائي أي أمن غذائي في ظل غياب القيم وغياب الإنسانية وغياب شعور الإنسان بأخيه الإنسان فكان الجزاء يوم القيامة أنهم ليس لهم طعام إلا من غسلين مزيد في الإهانة والتحقير القرآن ليس فيه كلمة هكذا جاءت لماذا؟
هؤلاء يبيضون الأموال ويغسلون الأموال الحرام ويضعون هذا هنا وذاك هناك لن يكون لهم يوم القيامة إلا هذه العصارات وذاك الطعام الذي لا يلق إلا أن يأكل منه هؤلاء من الخاطئين والخطأ هنا ليس مقابل صواب لا هذا تعمد الوقوع في الخطأ والذنب والتمادي في الإصرار عليه إنسان ممكن أن يقع في ذنب ثم يقلع عنه يتوب فيتوب الله عليه لكن هؤلاء ترى الواحد منهم مصرا متماديا يقضي العمر راكضا وراء هذا الذنب وتلك الخطايا يعب منها عبا حتى يلقى الله بخطيئاته من هنا جاء قوله جل شأنه وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة وكأن تلك الخاطئة قد جاء بها وقد حملت على أكتافهم وأعناقهم لشدة ما تعلقوا بها عشوا حياتهم في الخاطئة فماتوا عليها ويبعثون عليها ويأكلون من الطعام الذي لا يأكله إلا الخاطئون.
ثم إذا بالآيات العظيمة بعد الحديث عن أمر غيبي يحدثنا به القرآن القرآن فيه حديث من كان قبلنا وفيه حديث عن حاضرنا الذي نعيش فيه وفيه حديث عن الغيب الذي لم نشهده قال فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون تدبروا في الرابط وقضية وحكاية نفي القسم في القرآن ونفي لا أقسم للقسم في القرآن تناولها عدد من المفسرين قديما وحديثا وخلاصة هذه الدراسات بما يتفق وقواعد التدبر بمعنى أنك تجمع الآيات التي جاء فيها لا أقسم والسياقات وتفهم المناسبات مع الفهم لمعنى لا أقسم ستدرك أدة أمور الأمر الأول صيغة لا أقسم لم تكن في كلام العرب قبل القرآن هذه المفردة وهذه الصيغة الإسلوبية اختص بها القرآن العظيم هذا دليل على عظمة القرآن وعجازه بمعنى أنه جاء مهيمنا على كل لسان وسيبقى مهيمنا على كل لسان وعلى كل منهج اللساني وهذه القضية سنتكلم عن آثارها بعد قليل الأمر الآخر أن الله جل شأنه أقسم بالعديد من الأمور سنأتي عليها في مواضعها خاصة في السور المكية أكثر من ثلاثين موضعا في كتاب الله الله سبحانه يقسم بحروف القسم المختلفة ولكنه جل شأنه حين يقول لا أقسم فهذا نفي للقسم واللا نافية تحير العلماء والمفسرون وأصحاب اللغة قديما وحديثا والبعض منهم ذهب مذاهب شتى لا يمكن أن تقبله على هذا الكتاب العزيز قالوا لا نافية زائدة ولا ينبغي لعبد أن يقول عن كتاب الله أن فيه حرف زائد كل حرف بل كل حركة على حرف كل تشكيل في نطق اللفظ هذا مقصود لذاته في كتاب الله جل شأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومن الباطل أن يقال عن كتاب الله أن فيه زائد هذه ليست زائدة هذه نافية وجاءت لنفي القسم وأغراض نفي القسم في القرآن كثيرة واحدة منها التحقير لشأن هؤلاء القرآن ونحن ذكرنا في مرة سابقة على مدى سنوات في الأهد المكي والله سبحانه وتعالى ذكر القسم في مواضع عدة والقسم له أغراض والقسم من الخالق جل شأنه يختلف عن القسم من المخلوقين ومفردة القسم في ذاتها تختلف عن الحلف والأيمان وقد جاء في كتاب الله جل شأنه عن الحلف وغالب ما جاء في كتاب الله عن الحلف جاء في صيغة الذنب خاصة مع المنافقين يحلفون لكم بل الأكثر من ذلك أننا حين نتدبر في كتاب الله سنجد أن الحلف جاء منهي عنه ولا تطع كل حلاف مهين الإنسان الذي يكثر من الحلف ومن الأيمان ليدلل على صدقه أو ليقدم للسامع أدلة على صدقه ويؤكد كلامه هذا ليس بالمحمود عند الله جل شأنه ولا تطع كل حلاف مئين وبالتالي الشبهات التي جاءت من قبل عدد من المستشرقين وغير المستشرقين حول القسم في القرآن وأن القسم حين يرد من الله سبحانه إذا كان لأجل تطمين المؤمن فالمؤمن ليس بحاجة إلى قسم وإذا كان لأجل تأكيد الكلام للكاذب فالكاذب والمكافر لن يصدق بهذا القرآن ولو حلفت له ألف حلف وليس الغرض من القسم لا هذا ولا ذاك صحيح واحد من أغراض القسم توكيد الكلام ولكن هذا ليس لأجل أن يؤكد لكافر ولا لغيره الله سبحانه وتعالى من أصدق منه قيل من أصدق من الله حديثا وليس به وهو الغني جل شأنه أن يؤكد لعباده هذا أو ذاك ولكن صيغ القسم في كتاب الله للاستدلال على الأمور لبيان دلائل لأن شكل من أشكال ترسيخ العقيدة في النفوس هذه الأساليب العقلية المختلفة التي أوردها القرآن أساليب الجدل والحجاج العقلي والمنطقي الذي يمكن للعاقل غير المتعصب وغير الإنسان الذي يحول بينه وبين الإيمان حوائل مختلفة أن يصل من خلاله إلى الحقائق طيب إذا كانت هذه أغراض القسم ويكثير في كتاب الله فما أغراضنا في القسم في كتاب الله عديدة فالله جل شأنه حين يقول لا أقسم فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ليس هناك داع لأن يقسم سبحانه وتعالى لا بما تبصرون وهذا ما تبصرون وما لا تبصرون شمل كل شيء عالم الحس الذي يصله الإنسان بحسه وعالم الغيب الذي لا يصله بحسه ما لا تبصرون ما تدركه وما لا تدركه كل شيء لماذا نفي القسم؟
قلنا واحدة من أهمها تحقير شأن هؤلاء لماذا تحقير شأن هؤلاء؟ سورة الحق نزلت في أواخر العهد المكي سنة واحدة قبل الهجرة بمعنى آخر ما يزيد على عشر سنوات والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يبلغ هذه الرسالة العظيمة والقرآن يتنزل عليهم وهم أهل البلاغة واللغة والفصاحة ويدركون تماما أن هذا القرآن العظيم الذي يجادلون ويمارون فيه لا هو قول شعر ولا هو كاهن ولا هو ساحر ولا هو شيء مما عرفوا هم يدركون في قرارة أنفسهم ولكن القوم حال بينهم وبين الإيمان بهذا القرآن التكبر والحسد والخشع الزعامة والسيادة وذات الإشكالية الضاربة في عمق التاريخ الإنساني وكذلك في الواقع وكذلك في المستقبل الخشي على المناصب التي كانوا يتبوؤونها زعماء قريش وقادات قريش من قبائل وأفخاد قريش والقبائل التي كانت موجودة العربية هناك تقاسم الزعام فيما بينهم وتقاسم المناصب والكراسي فيما بينهم فنزل هذا القرآن العظيم وجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بني هاشم بهذه الرسالة وذكر البعض منهم بصريح العبارة قلتم فينا نبي ومنا نبي فماذا نقول نحن؟
من أين سيأتون بنبوة مثل هذه النبوة؟ كانوا ينظرون إلى النبوة على أنها مصالح دنيوية وزعامات ذات النظر التي كان ينظر إليها فرعون يوم أن جاءه موسى عليه السلام رأى في موسى عليه السلام ورسالته زعزع لملكه وتهديد لسلطانه فإذا أصبح موسى هو النبي المطاع ويتنزل عليه الوحي والناس بما فيهم فرعون يمشون تحت إمرته فماذا سيبقى من ملك فرعون وجاه فرعون وسلطانه تدبروا معي في هذا المعنى ذات الفكرة التي حالت بين زعماء قريش وبين قبول هذه الرسالة وذاك القرآن العظيم الذي كانوا دون ما شك يدركون أنه الحق في قرارة أنفسهم حيل بينهم وبين ذلك بتلك الحواجز والأوهام من هنا جاءت الآية العظيمة في سورة الحق فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون نفي للقسم ليس سمة حاجة لقسم أنتم تدركون كما أنكم وصلتم بذاك التكبر والتكذيب إلى أماكن الحديث معكم ما عاد فيه لا حاجة لقسم ولا تصدق ولا أي شيء وهو شكل من أشكال التسليم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يا محمد عليه الصلاة والسلام ما عليك منهم دعهم اتركهم وهناك آيات أمرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأعرض عنهم وانتظر الأمر بالإعراض هذا يقرأ كذلك في سياق فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون نفى القسم إلى ذلك أن هذا الخبر الذي جاء قبل القسم وبعد القسم وصل وبلغ من الوضوح لا يعد هناك معه أي شكل من أشكال الحاجة إلى قسم أو توكيد المعنى ولذلك هذه الآية العظيمة التي جاء فيها نفي للقسم مرتبطة بما قبلها وما بعدها ما قبلها جاء فيه الحديث عن جزاء أصحاب اليمين وعن جزاء ذلك الذي يؤتى كتابه بشماله وهذا غيب ما لا تبصرون وكان القوم يكذبون ويمارون فيه وأما ما تبصرون فهو ما ترونه أمام أعينكم هذا النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ولد بينكم تعرفون أباه وتعرفون نسبه وتعرفون حسبه وتعرفون جده وأجداده وتعرفون كل شيء عنه تبصروه أبصرتم صدقه وأبصرتم أمانته وأنتم أنتم من تكذبون اليوم بما جاء به بهذا الكتاب العظيم وأنتم تضعون أماناتكم عنده لأمانته مقتنياتكم تضعونها عنده لما عرفتم فيه من الأمانة والشرف والصدق والوفاء بالوعد والعاد هذا تبصروه فما تبصروه وما لا تبصروه الله سبحانه وتعالى نفل قسم به قال إنه لقول رسول كريم ما هو قول رسول كريم القرآن العظيم الذي به تكذبون وعن آياته تعرضون وبوعده ووعيده ما زلتم تجادلون وعن فصاحته لا تستطيعون أن تميلون أو تحيدون وكل الأساليب التي أردتم أن تواجهوا بها فصاحة القرآن أو تنالوا من بلاغته وقعتم فيها وأصبحتم فيها من الخاسرين المفلسين إنه لقول رسول كريم والقول هنا ونسبة القول هنا للنبي صلى الله عليه وسلم على وجه التبليغ فهو مبلغ بلغ ما أنزل إليك من ربك وفي آية أخرى ربي جل شأنه في سورة التكوير قال إنه لقول رسول كريم إنه قول رسول كريم من هو ذاك الرسول الكريم؟
جبريل عليه السلام ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون قول رسول كريم جبريل عليه السلام الذي كان دوره إيصال الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم في آية أخرى في سورة الواقعة ربي جل شأنه وصف هذا الكتاب ذاته أنه كتاب كريم بمعنى أن الكرم وصفة الكرم مصاحبة لهذا الكتاب في أصله ومصاحبة للرسول الذي حمل هذا الكلام كلام الرب جل شأنه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي وصف كذلك بأنه قول رسول كريم الكرم والتكريم والتشريف يحيط بهذا الكتاب العظيم من جانب ومن كل ناحية هو كتاب كريم الذي جاء به وبلغه رسول كريم والذي حمله كذلك رسول كريم فأين أنتم من كل ذلك؟
ولذلك من القضايا المهمة التي ينبغي على العاقل أن يتفطن إليها كذلك كل من جاء إلى هذا القرآن الكريم زاد شرفا وكرما الذي يحفظه والذي يتعلمه والذي يعلمه والذي يكتبه ويخطه في المصاحف وكل إنسان يقترب من هذا الكتاب الشريف الكريم المبارك بأي صيغة أو إسلوب يكرم القرآن العظيم وهو كريم ترى أن الله جل شأنه يكرمه بفضله ورحمته وعالك أن تتخيل حين يكرمك الله ما الذي سيحدث شرف ولذلك في آيات أخر يصفه الله جل شأنه فيقول وإنه لذكر لك ولقومك الذكر بمعنى الشرف هذا الكتاب يعلي شأن من يقترب منه إيمانا وتعلما وتعليما وتطبيقا وتعليم عملا في واقع الحياة وما نال المسلمون ما نالوا من الشرف وأصبحت لهم من الكرامة بين الأمم وبين بلدان العالم إلا حين تمسكوا بهذا الكتاب العظيم وكان عندهم وعليهم كريما هو كريم سواء بصرف النظر عن طبيعة مواقف الناس منه ذلك القرآن في هذه الآية قال إنه لقول رسول كريم بمعنى آخر يا قريش يا كفار قريش صدقتم به أم لم تصدقوا به آمنتم به أم لم تؤمنوا به اتبعتم هذا الرسول أم لم تتبعوا هذا قول رسول كريم فلا شيء من مواقفكم سيزيد في كرامته وكرمه ولا في تكريمه وشرفه هو بطبيعته هكذا شريف كريم أنتم تزدادون شرفا وكرما حين تقتربون منه وتؤمنون به وتزدادون مهانة وذلا حين تبتعدون عنه وتفرون من أحكامه وتعرضون عن آياته وتحرفون في أحكامه التي جاءت ونزلت لأجل أن تطبق في واقع الحياة الإنسانية.
إذا أردت أن تعرف أين السر في عزة المؤمنين سابقا وكرامتهم وكيف كانوا أكرم الناس وكيف كان العالم بأسره يكرمهم فأعلم أن ذلك من قبيل ما كان معهم ومنهم باتجاه كتاب الله جل شاء وأن ما قد وقعوا فيه اليوم من مذلة ومهانة إنما هو من قبيل مواقفهم من هذا الكتاب العظيم فيا مسلم يا أيها المسلمون في كل مكان أكرموا هذا الكتاب الذي وصفه رب العز بأنه كريم أكرموه لأجل أن تكرموا وتكرموا أكرموه لأجل أن تخرجوا مما أنتم فيه من مذلة ومهانة أصبح العالم الإسلامي اليوم من أذل أمم العالم بلا منازع من أين جاء كل هذه الصور من الإذلال والمهانة من أين جاءت ألأنهم أقل عددا من بقية الأمم أبدا ألأنهم أقل عزة وسلطانا وأموالا أبدا أهم أقل الناس ثروات إطلاقا إذن ما الذي حدث الصلة بكتاب الله جل شأن كلما زادت صلتك بكتاب الله زاد عزك وارتفع شأنك وكان لك مجد أنت ما سعيت مجد دنيوي أنت ما بتسعى إليه إن إنسان حين يفهم ويعي ويطبق آيات الكتاب بحق وحقيقة في حياته لن يسعى وراء مجد دنيوي ولكن المجد يسعى إليه فبذلك ينال شرف الدنيا وشرف الآخرة وهو الأعظم والأهم وتدبر معي في الصلة بين ذلك الذي أوتي كتابه بشمالي قال هلك عني سلطانية أما ما يجعله لك القرآن من سلطان فليس عنك بزائل ولا بحائل يرافقك في القبر يرافقك في الدنيا ويرافقك ويذود عنك في حياة البرزغ ويحاجج عنك القرآن الذي أحببك القرآن الذي تدبرت القرآن الذي فهمت القرآن الذي حفظت في صدرك القرآن الذي أنفقت الليل والنهار لأجل أن تتعلمه القرآن الذي عملت به يأتي يوم القيامة يحاجج عنك يذود عنك يدافع عنك عندما تدافع أنت عنه في الدنيا وهو ليس بحاجة إلى دفاعك فالله مظهره ولو كره الكافرون ولكن أنت لك شرف الدفاع عن القرآن أنت لك عز أن تدافع عن القرآن وتتحدث عن القرآن ويكون حديثك عن القرآن أنت به تشرف هو شريف شرفه الله ووصفه وكرمه ورفعه لأنه كلام الله جل شأن وكفى بذلك شرفه أنت الذي بحاجة إلى ذاك الشرف فتعرض لهذا الشرف وخذ من ذلك الكرم واعطي القرآن الكريم من وقتك وحياتك وجهدك وخبرتك ومواهبك كل ما تستطيع وسترى عجبا.
قال إنه لقول رسول كريم دفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووصفه وأن يصفه بالكرم الذي هو المحاسن والأفعال والأقوال ولذلك الكرم لا يبقي معه أي شيء آخر من الأخلاق الإنسان لما يكون كريم كرمه يغطي على كل شيء على كل شيء آخر الكرم من أعظم الصفات يعطي الإنسان شرفا ولذلك التواصل والاتصال والعلاقة بين الكرم والشرف أميقة فالإنسان كلما زاد كرماً كلما زاد شرفاً أقيمةً وهذا النبي الكريم وصفه الله جل شأنه قال رسول كريم لماذا؟
قريش في ذلك الوقت كانت قد بلغت مبلغها من التفنن في إهانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه الكرام حصار تعذيب تكذيب إهانة سخرية استهزاء ما تركوا شيئا ما فعلوا وإذا بالقرآن العظيم الذي في سورة القلم التي نزلت في السنة الأولى من البعثة وهي في ترتيب المصحف قبل سورة الحاقة والحاقة من أواخر ما نزل قال وإنك لعلى خلق عظيم في سورة القلم في سورة الحاقة قول رسول كريم القول زاد هذا النبي الكريم كرما وشرفا قال وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون دفاع عن القرآن العظيم أيما دفاع قد يقول قائل ولكن لماذا القرآن يقول وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون لماذا ينفي هنا هذا الاتهام عن القرآن كانت تنظر إلى الشعر على أنه من أكبر مفاخرها ومآثرها وهذا حقيقة معروفة فالله عز وجل حين ينفي عن القرآن أنه من قول الشعراء يحقق عدة مقاصد واحدة من المقاصد العظيمة القوم حين تحيروا في القرآن قالوا عنه شعرا لجماله جمال ألفاظ طبعا هم ما أرادوا أن يمدحوا ولكن حتى وهم يحاولون أن يلحقوا به أساليب الذن تراهم يمدحونه وهم لا يعلمون قالوا هذا الشعر وهم يعرفون جيدا أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ليس بشعر وما قال الشعر قط وهم أهل الفصاحة واللغة وشهد الوليد بن المغيرة وقال هذا ليس بشعر والله سبحانه وتعالى ينفي عنه أنه قول شاعر وقد يقول قائل هذا النوع من أنواع الجدال والدفاع عن القرآن ما الحاجة إليه في القرآن حاجة ماسة ومن يظن الأحاديث التي جاءت في هذه السورة وغيرها والحجاج الذي يدور حول هذه القضية انتهى مع أصر كفار قريش فهو في وهم شديد كيف؟
ما زلنا إلى اليومنا هذا هناك من يجادل في هذا الكتاب ويريد أن يطبق مناهج النقد الأدبي على هذا القرآن العظيم وواحد من مناهج النقد الأدبي هي المناهج التي تطبق على الشعر يريد أن يطبقها صحيح وما يقول بشكل مباشر أن القرآن شعر ولكن ماذا تسمي من يريد أن يطبق مناهج النقد الأدبي على الشعر على القرآن العظيم أليس هذا وليس ذاك وجهان لعملة واحدة من يقول بأن القرآن أعظم كتاب يحدثك عن حياة الجاهلية قبل الإسلام لأنه حديث عن هذه الحياة بكل إشكالياتها ومآثرها ومفاخرها وزلاتها بئس ما قالوا القرآن نفكل هذا فقال وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولماذا قليلا ما تؤمنون أشياء كان يؤمن بها العرب في الجاهلية قبل الإسلام كانوا يؤمنون بوجود الخالق ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض لا يقولون الله يقولون الله ولكن هذا القليل من الإيمان كعدمه تدبروا معي في هذا المعنى الدقيق أنت لا تحتاج إلى نصف إيمان ولا إلى ربع إيمان ولا إلى شوية إيمان تحتاج إلى إيمان يصل بك إلى العمل بما يفرض عليك ذلك الإيمان فإذا لم تصل إلي فماذا سيغني عنك ما تؤمن من هذا الإيمان القليل ماذا سيغني عنك بعض المسلمين اليوم يقول لك أنا إيمان في قلبي فأين عملك المتفرع عن إيمانك الذي في قلبك تراه يسكت لا جواب الإيمان الذي في قلبك وأنت تتشدق به وتتمسك به لو صدق لنعكس على واقعك وفعلك فأصبح عملك مرآة لما تؤمن به في قلبك صلاتك إحسانك قيامك صومك كل هذه الأعمال الإيمان قول وتصديق وعمل الذين آمنوا وعملوا الصالحة تدبروا معي في هذه المعاني العظيمة قليلا ما تؤمنون هذا القليل الذي تؤمنون به لم يصل بكم إلى بر الأمان ولم يدفع بكم ويجعلكم تدركوا وأنتم أهل الفصاحة واللغة أن هذا القرآن ليس بقول شاعر تدبروا معي في عظمة القرآن الناس الذين نراهم اليوم وهم يريدون أن يطبقوا مناهج النقد الأدبي على القرآن القرآن يرد عليهم لا تتعبوا أنفسكم لا تضيعوا وقتكم كما يقال كان غيركم أشطر من كان أهل الفصاحة واللغة والمعلقات والدنيا لم يعرفوا أن ينالوا شيئا من هذا الكتاب العظيم والقرآن تحداهم أنتم اليوم تضيعون أوقاتكم وتهدرون أعماركم في الجري وراء السراب أن تطبقوا مناهج النقد الأدب على النص القرآن العظيم فاعلموا أنه ليس بقول شاعر حتى تطبقوا عليه مناهجكم مما يؤسف له حقا اليوم أن هناك من الكتاب والمؤلفين من أصحاب الدراسات في النقد وفي اللغة والأدب يريدون أن يطبقوا مناهج النقد الأدبي على القرآن فينظرون إلى القرآن باعتبار أنه مجرد نص أدبي فيطبقون عليه مناهجهم هذا منهج باطل مئة في المئة أولاً مناهج النقد الأدبي وليدة الفلسفة الغربية وإشكالياتها وأزماتها فلسف قائمة على نظرة متميزة معروفة كائنة بذاتها عن الكون والحياة والإنسان تأتي أنت وتأخذها وتريد أن تستنبتها وتستزرعها في حياتك ومع كتابك مما لا شك فيه أن هذا خطأ صراح وجهل واضح لا جدال فيه مناهج النقد الأدبي كان منها المنهج التاريخي الذي تعامل مع النصوص الأدبية باعتبار النظرة التاريخية إليها أو المنهج الاجتماعي الذي قال بأن النص لابد لكي يفهم ويقرأ أن يعرف الحالة المجتمعية التي كان عليها وخلالها النص سواء كان قائل النص أو متلقي النص أو المناهج النفسية المناهج النقد لأدب واحد من المناهج النفسي الذي روج له فرويد وغيره ممن كانوا يرون أن الإنسان تحكم وتتحكم فيه جملة من العقد النفسية وبالتالي ما يصدر عنه من أقوال أو أفعال أو نصوص لا بد أن تفهم في ظل هذا منهج باطل وكل هذه المناهج التي كانت نستطيع أن نقول عنها سابقة لحقتها مناهج كذلك في النقد الأدب حديثة البنيوية والتفكيكية وما بعد التفكيكية كل هذه المناهج الحداثية وهذه النظرية العجيبة نظرية القارئ ونظرية المتلقي ونظرية التلقي التي تجعل من النصوص فضاءات مفتوحة والقارئ حر يقرأها كيفما يشاء ويجعل الأفكار والمفاهيم تتحكم في النص على اعتبار أن النص لا قيمة حقيقية له بدون قارئ هذه الفضاءات التي يتشدق بها أصحاب مناهج النقد الأدبي في الفلسفة الغربية فإذا ببعض الكتاب من المسلمين يريدون أن يطبقوا هذه المناهج على هذا الكتاب العظيم انظروا إلى رد القرآن على هؤلاء وما هو بقول شاعر قليل ما تؤمنون هذا ليس كغيره من نصوص هذا كلام الله كيف تطبقون عليه مناهج بشرية إنسانية أنتم اخترعتموها وأنتم تنتقدونها الآن مناج التاريخي والنفسي والاجتماعي كلها نقدت وفككت وجاء بعدها الحداثية والبنيوية والتفكيكية وما بعد التفكيكية وغيرها وغيرها وغيرها كثير فكيف تأتون إلى هذا القرآن تريدون أن تطبقوا بضاعتكم هذه هذه البضاعة المسجاه لا ينفع تدبروا في القرآن كيف يعالج القرآن نص ما نزل على كفار قريش فحسب القرآن نزل للعالم القرآن كتاب يخاطب كل الأجيال ولأنه من عند اللطيف الخبير العالم بما كان ويكون تراه يقارع هذه النظريات الحديثة ويسكتها ويخرس أصحابها بهذه الآيات العظيمة منهجك باطل منهجك الذي تريد أن تطبق عليه وتطبقه على القرآن لا ينفع ما ينفع والحال أنك تفهم وتستوعب الحقيقة التي لم يستوعبها كفار قريش إلا بعد أن ماتوا أن هذا القرآن حق ولذلك ستأتي الآيات بعد قليل وإنه لحق اليقين فأنت أمام القرآن أمامه وتأتي إليه بمناهجك الفاسدة النقدية لأجل أن تحلل هذا النص من هذه الزاوية إذن كيف تأتي؟
تأتي بقلب المصدق المتيقن بأن هذا الكلام من عند الله جل شأنه هنا نفهم لماذا قال في الجملة التأكيدية وإنه لقول رسول كريم ثم أكدها زيادة فقال وما هو بقول شاعر؟ قليلا ما تؤمنون قال ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون طب لماذا نهفى عنه إذن قول الكاهن العرب فيما سبق وقت نزول القرآن وللآن والعالم كل وليس فقط العرب فيهم شوق وتلهف لمعرفة الغيب والمستقبل لأن الكاهن من هو الكاهن يختلف عن العراف ينبئك ويخبرك بأحداث سابقة صارت في ماضيك ويحلل ويعمل إلى آخر الكاهن لا يخبرك بأشياء في المستقبل ولا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى تعددت الأساليب والطرق والشعوذة واحدة والدجل واحد والكذب واحد قديما وحديثا قال ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون طيب لماذا وصف كفار قريش القرآن بأنه قول كاهن القرآن فيه إخبار بالغيب القرآن حين يحدثك عن المستقبل وعن يوم القيامة ويحدثك عما سيكون ويحدثك عما سيقع في الأمم حين تكذب بآيات ربها هم كانوا ينظرون إليه على أنه هذا تنبؤ بالغيب طالما تنبؤ بالغيب إذن هو قول كاهن ولكن هذا التنبؤ بالغيب لم يأتي من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك في آيات أخر قال ولو كنت أعلم الغيب لستكثرت من الخير وما مسني السوء نبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم الغيب لا يعلم الغيب إلا الله وهذه الأخبار التي تجدونها عن الغيب في القرآن أخبر بها اللطيف الخبير العليم الذي يعلم ما كان وما يكون عالم الغيب والشهادة وليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا دليل عظيم من الأدلة على أن هذا القرآن ليس من عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس له فيه إلا البلاغ غيبيات طيب لماذا قال قليلا ما تذكرون أراد أن يذكرهم بسيرته صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة وقبل القرآن قبل نزول القرآن هل هذا الرجل صلى الله عليه وآله وسلم أخبركم في يوم من الأيام بطلاسم الكهانة والكهان هل أخبركم ذات يوم بشيء من هذا هل أخبركم في يوم من الأيام هذه الأنباء؟
هل أخبركم بغيب؟ تدبروا معي في دقة المفردة القرآنية قال قليلا ما تذكروا لأن الموقف السياق سياق تذكر تذكروا سيرته فيكم تذكروا ما تعرفونه عنه قبل نزول القرآن هل عرفتموه كاهنا؟ هل عرفتموه ساحرا؟ هل عهدتموه شاعرا؟ إذن لماذا تتشبثون بهذه الحجج الواهية؟ تدبروا في القرآن كيف يكشف الحقائق؟ كيف يميز الخبيث من الطيب؟ كيف يميز الكذب من الصدق؟ لأجل أن تظهر الحقائق واضحة لكل ذي قلب ولب قليلا ما تذكرون لو تذكرتم جيدا لأدركتم أن هذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبعد ما يكون عن الكهانة طيب لا هو بقول شاعر ولا هو بقول كهان إذن ما هو؟ قال تنزيل من رب العالمين تدبروا دقة المفردات وترابطها هذا تنزيل من رب العالمين والخطاب ليس فقط لكفار قريش كما قلنا قبل قليل لأصحاب النظريات ومناهج النقد اليوم هذا تنزيل تنزيل من رب العالمين تفهمون أم لا تفهمون كيف تطبقون عليه مناهجكم كيف تطبقون عليه النظريات اللسانية والحداثية يوما بعد الحداثي أنتم لا تتعاملون مع نص وضعي بشري هذا تنزيل من رب العالمين طيب كيف نتعامل معه؟
الذي يعلمكم ما هو المنهج الذي تتعاملون معه فيه وبه وليس أنتم أنتم تقرأون أنتم تصدقون أنتم تؤمنون أنتم تتبعون هذا دوركم لأنكم خلق لأنكم عبيد أما هذا الكلام هذا تنزيل من رب العالم تدبروا في دقة المفردة وتدبر في الربط بين قوله جل شأنه إنه لقول رسول كريم وهنا تنزيل من رب العالمين حتى نفهم أن دور النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تبليغ القرآن هو البلاغ هو قال ما نزل إليه من ربه هو تلفظ به ولكن التنزيل من رب العالمين ثم إذا بالآيات العظيمة خذناف عطافة جديدة دفاع عن القرآن عظيم ليس فقط أمام كفار قريش من المعاندين المكذبين ولكن أمام كل المكذبين عبر التاريخ الإنساني والواقع الإنساني قال ولو تقول علينا بعض الأقاويل تعديد وعيد الآن والتقول أن ينسب إلى الغير قول لم يقل به على سبيل التكلف تقول دقة المفردة لأنه ليس له فيه في القول شيء هو تنزيل من رب العالمين فلو تقول إذن كل ما ليس من القرآن مما أنزله الله فهو تقول وليس قول تدبر في دقة المفردة وما كان له صلى الله عليه وآله وسلم وهو الصادق الأمين أن يتقول ولو حرف امتناع الامتناع لو تقول علينا بعض الأقاويل تدبر في المفرد وعظمته هذا القرآن منزه عن كل زيادة أو نقص وافتراء تكذيب لا أحد يمكن له أن يزيد أو ينقص في هذا القرآن وهذا مزاق لقوله جل شأنه إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون تهديد وعد لكل من يتقول على القرآن ولو تقول علينا بعض الأقاويل هذا النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الذي وصفه قبل آيات بأنه رسول كريم والذي وصفه في سورة القلم التي قبل سورة الحاقة في السنة الأولى من البعثة وإنك لعلى خلق عظيم فما أنت بنعمة ربك بمجنون وغيرها وغيرها من أوصاف عظيمة هذا النبي الكريم لو تقول علينا بعض الأقاول حتى نعرف ونفهم منزلة القرآن العظيم لماذا كل هذه المنزلة للقرآن هذا كلام الله ونحن نعلم ولله المثل الأعلى ولكن الشيء بالشيء يذكر ماذا يفعل الملوك وأصحاب المراكز الكبراء حين ينسب إليهم ما ليس هم بقائلي ماذا يفعلون بي صاحبي ماذا يفعلون به العجيب لو شخص يزور أو يحرف أو يغير في مرسوم ملكي أو أمر أميري أو قرار أو مشابه ماذا يفعلون به ولله المثل العالى ولو تقول علينا بعض الأقاويل هذه حجة دمغت كل الحجج ماذا سيحدث؟
قال لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين إذن القرآن هنا ينص على أن كل من يتعرض لهذا الكتاب العظيم بزيادة أو افتراء أو نقصان هذا جزاؤه أخذنا منه باليمين دلال على القدرة عليه وسرعة البطش ثم لقطعنا منه الوتين والوتين هو الأورط أكبر شريان في الجسم يصل ويوصل الدم المؤكسج إلى كل خلايا الجسم إذا قطع انقطعت حياة الإنسان تدبروا هذه معجزة أخرى في كتاب الله جل شين من يعرف الأورط والوتين في ذلك الوقت ومن يعرف أنه إذا قطع الوتين انقطعت الحياة وذهبت الروح ثم لقطعنا منه الوتين ويبقى السؤال مطروحا لما كل هذه المفردات القوية الحاسمة القاطعة بيان لعظمة القرآن العظيم بيان وبيان لمكانة هذا القرآن العظيم منزلة هذا القرآن العظيم وتوعد من تجرأ على الكلام فيه بغير علم ويفهم من هذه الآيات العظيمة أن يبشر إياكم والتجرؤ على كتاب الله تترى بعض الناس اليوم يحفظ حديث أو حديثين وقد لا يحفظ يجرس يقرأ الآية ويبدأ رأي من هنا ورأي هناك وأنا رأيي أن المقصود بهذه الآية هو كذا وكذا وكذا افهم أنت مع من تتعامل هذا كلام الله هذه آيات الله ومن هنا نفهم خوف السلف والصالحين من التقول على القرآن الكريم أو تقديم أي رأي في القرآن الكريم من تلقاء أنفسهم وهم من هم العلم واللغة والفصاحة لا تتجرع على آيات الكتاب بهذا الشكل فإذا رأيت بعد قواعد واجتهاد مبني على أسس وأصول فقل بتواضع الناس المؤمنين حقا بعظمة هذا الكتاب هذا ما رأيت وما فتح الله به علي إن كان صوابا فله الحمد والمن وإن كان غير ذلك فاستغفروا الله القرآن مهيمنا على كل قول هذه اشكالية خطيرة تواجهنا اليوم وخاصة مع هذا الاتساع والانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي كل من هبوا دب سجل مقطعا وسجل كذا ونشر وانشر بلا بيان ولا كلام ولا تواضع أمام كتاب الله وأمام آياته هذا هو المقصود ويجزم هذا الكلام إياك والتقول على كتاب الله جل شاء إياك أن تقول أن هذا هو المقصود ولا مقصود سوى تتشجد وفق الأساليب والأطر والشروط والقواعد المأهوذة من كتاب الله وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم مبنية على العلم والفهم وليس على أهواء النفوس ما قيمة أن تأخذ آلاف المتابعات والعلامات والكذا على من المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي وأنت قلت كلمة لا تدري الله صاخط أمراضا عنها اتق الله اتق الله فيما تقول عن كتاب الله جل شأنه واعلم أن هذا الكتاب تنزيل من رب العالمين نال الفهم في كتاب الله بما يفتح الله به عليك إلا بالصدق في النية معه لا تبع وتشتري لا تتاجر هذا ليس ميدان التجارة بالمال هذا كلام الله وليس كلام غيره لا تحاول أن تفسر وأن تليع عناق النصوص لأجل أن تبرر لنفسك مبدأ أو مذهب أو فكرا أو رأيا طائفيا أو حزبيا أو تبرر مصلحة قائمة أو تزخرف قولا لحاكم أو مشابة لن يغنو عنك من الله شيئا فاتق الله اتق الله ولو تقول علينا بعض الأقاول لأخذنا منه من يمين إذا كان هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكلام هنا عام كل من يقترب ويتجرى على هذا الكتاب بالافتراء وحشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك إذا كان هذا هو الوعيد فما بالك بغيره فما منكم من أحدنا أنه حاجزين لماذا جاء بهم حتى يبين شدة الموقف أنكم أنتم لوها تقول علينا بعض الأقاول لو وقع في قلوبكم من الشفقة والرحمة ما تريدون أن تحجزوا عنه العذاب لك أن تتخيل شدة الوعيد قد يقول قائل ولكننا اليوم نرى من يفترع على القرآن ومن ممكن أن يوقع أشكالا من الإهانة المختلفة لهذا الكتاب العظيم لرسمه لحرفه لعلم ليس في ذلك أي شك أن الله سيأخذه قريبا أو بعيدا لا تبتأس انتظر إنهم منتظرون انتظر فالله سبحانه وتعالى منجز وعده ولا يخلف وعده أبدا وما من عبد يتقرب ويقترب من هذا الكتاب بأي شكل من أشكال الإهانة إلا أهانه الله في الدنيا قبل الآخر ونحن نرى ذلك عيانا كل من يتصدى لهذا الكتاب العظيم سيرى ذلك في نفسه وفي حياته وسيكون أقرب المقربين إليهم الذين يقومون بهذه الإهانة.
ثم إذا بالآيات العظيمة تنتقل للكشف عن أوصاف القرآن حقيقة أوصاف جديدة وهذا كل هذا يتصل بالقول الأول وإنه لقول رسول كريم الكرم والشرف لهذا القرآن العظيم ومن محاسن هذا الكرم والشرف قال وصفه فقال وإنه لتذكرة للمتقين تدبروا في الربط الذي قلنا قلنا ما من عبد يتقرب إلى هذا الكتاب العظيم بحفظ أو تلاوة أو تعلم أو تعليم أو خط أو كتاب أو تسجيل أو ترجم لبعض معانيه أو أي أمل يريد من خلاله أن يخدم هذا الكتاب العظيم إلا رفع الله شأنه ولكن أكثر الناس غافلون عن هذه الحقيقة قال وإنه لتذكرة للمتقين من وسائل كرم هذا القرآن الذي هو كريم عظيم أن المتقي حين يأتي إليه يتذكر ما الحاجة للتذكر؟
الدنيا ما فيها من ابتلاءات ومحن ومواقف ومصاعب وشدائد ونعم ومحن ومنح تلهي تجغل لكن المتق الذي يخاف الله سبحانه وتعالى ويأتي إلى القرآن بقلب فيه التقو هذا من شروط القدوم والإقبال على كتاب الله إياك أن تأتي إلى كتاب الله وأنت تريد دنيا دنيا تركض وراءها ليقال عنك قارئ ويقال عنك حافظ ويقال عنك كذا ويقال عنك إياك ما كأن تأتي إلى القرآن إلا بقلب ملؤه التقوى منه تتعلم التقوى وإليه وعليه تقبل بالتقوى وفيه تكون التقوى وتزداد التقوى تذكرة للمتقين تحدث فيك تذكرة هل أنت بحاجة وأنا لهذه التذكرة بكل تأكيد قرآن كتاب يذكرك بما قد كان يذكرك بما أنت فيه يذكرك بما أنت مقبل عليه يذكرك فلا تنسى لا تنسى لماذا أنت هنا أنت لو تنظر اليوم إلى كثير من الناس وهم في معاشهم وطلب الرزق والسعي فيه كأنهم قد نسوهم لماذا هنا على هذه الأرض يعيشون وكأنهم لا يعيشون عليهم الأيام والليالي والساعات والسنين السنون الطوال ولا يشعرون بأن هناك يؤمنون بالآخر ولكن لا يستشعرون ولا يستحضرون ولا يستعدون لذلك اليوم يعملون للدنيا وكأنها غاية آمالهم ومبلغ علمهم ومنتهى أمالهم القرآن كتاب يذكرك تذكرة للمتقين طب غير المتقين إذا لم يكن في قلبك تقوى حقيقية قرآن لن يتفاعل معك ويحدث فيك تلك التذكرة فعلى قدر ما في قلبك من تقوى ستحدث آيات الكتاب فيك التذكرة إذا زدت ذكرا وتذكرا سعيت في الأرض عملا بموجب تلك التذكرة وبت لله وفي الله مذكرا مذكرا لغيرك من الخلق قال وإنا لنعلم أن منكم مكذبين حقيقة هذا القرآن على صدقه وعظمته وعظمة ما جاء فيه سيبقى دوما وأبدا هناك من يكذب به ولكن تكذيبهم لن ينقص من شرفه ولا من كرمه شيئا أبدا وهذا حقيقة واقعة ونحن نستشعرها اليوم أمم في الأرض اليوم تكذب بكتاب الله جل شيره من يجادل ومن يعارض ويقول لك هذه الآية أنا لست مقتنعا بها بئس من قول اقتنعت أم لم تقتنع هذه الآيات أظيمة وستبقى على عظمتها وكرمها ولن يقلل من عظمتها أن أمثال هؤلاء من المتشدقين لا يؤمنون بها هذا لن يزيد ولن ينقص شيئاً وانظر إلى هذا القرآن بعد سنوات والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخرج من مكة ما آمن معه إلا قليل والقرآن في صدر هل نقص ذلك من قدره شيء؟
إطلاقاً بل زاد شرفاً وعلواً وقيمةً ورفعةً وشأن ولا يضره من كذب به من المكذبين قال وإنه لحسرة على الكافرين تدبر دقة المفردة حسرة من أين جاءت الحسرة فالصلاة في الآيات التي قبلها يا ليتني لم أوت كتابي ولم أدري ما حسابي يا ليتها كانت القاضية حسرة على الكافرين الحسرة الندم ما قد فات في شيء لا تستطيع أن تستدركه فيصبح حسرة ألم نفسي فضيء أن يتحسر الإنسان نحن في الدنيا مرات الإنسان قد يمر بموقف عرضت له صفقة من صفقات الدنيا ثم تحسر بعدها أن ذهبت من بين يديه بيت معروض للبيع بسعر مناسب جدا ولكن تحسر أنه ما كان من نصيبه هذه عروض الدنيا التي في النهاية ستنتهي هي وكل عروضها ما أخت وما لم تأخذ فما بالك بعروض الآخرة لا رجع الكافر حين يتحسر على ما فات من عمره وعلى ما مكنه الله فيه من المال والعزة والجاه والقوة فلم يستعملها فيما يرضي الله هذا بأي عملة سيغير ويبدل سيستدرك ما قد فات العمر محدود إن لم تدركه أدركك والأجل مكتوب معلوم سيدركك ولو حاولت أن تهفر منه أينما ذهبت وأينما رحت فعليك أن تدرك هذه الحقائق قبل فوات الأوان.
قال وإنه لحق اليقين هذا ما قلناه قبل قليل لمن تتعامل مع كلام الله عز وجل انطلق من منطلق التصديق واليقين تدبر في دقة المفردة حق اليقين هو اليقين أعلى درجات الأين والعالم الإنساني كما ذكرنا ومناهج النقد الأدبي وغيرها دخلت في مرحلة التشكيك وعصر الشك وأنا أشك إذن أنا موجود إياك أن تشكك في هذا القرآن وتقع في دوامة الشك فيه وإنه لحق اليقين حق اليقين أعلى الدرجات في العلم واليقين أعلى الدرجات في العلم فلما نسب له الحق بات أقوى أقوى درجات العلم الذي لا يمكن أن يكون بعدها شيء لا يكون بعدها شيء حق اليقين الإنسان يصل لمرحلة الظن ويوازن بين الأدلة ويقارن إلى أن تطمئن نفسه إلى هذا دون ذاك ويصبح عند طمئنان ويصبح عند ألم ويصبح عند ألم اليقين لا هذا عين اليقين لمن يعينها ويراها أمام عيني لا هذا حق اليقين لماذا هذا التركيز على هذه القضية؟
حتى تعيش ما قد غاب عن حسك من عالم الآخرة بقلبك ووجدانك حاضر أمام عينيك ونحن قلنا في المرة السابقة هذا المؤمن الذي يعيش وهو مدركا أنه سيقف بين يدي خالق يسأله عن كل شيء هذا كيف سيكون عمله في الدنيا؟ يحاسب نفسه؟ ولو لم يحاسبه أحد لأنه موقن تماما أنه غدا أو بعد غد سيقف للحساب بين يدي الواحد الأحد هذه الفكرة لوحدها كفيلة بأن تردأ الظالمين عن ظلمهم وترد المفسدين عن فسادهم وتحول دون المشككين المفترين على هذا الكتاب بافتراءاتهم هذه الآية لوحدها قال فسبح باسم ربك العظيم ما دخل التسبيح باليقين بالكلام هذا كله لا شيء يمكن أن يجعل الإنسان المؤمن عبداً قوياً ثابتاً راسخاً أمام الافتراءات والابتلاءات والاختبارات المختلفة كالتسبيح ونحن قلنا في بدايات الآيات لما قلنا نفي القسم القرآن كثيرا ما يقول سبح أعرض طيب لما تعرض عن هؤلاء وعن هذه الافتراءات ماذا تفعل سبح تسبيح من أعظم العبادات ليست فقط مجرد كلمة وهي عظيمة أن تقول سبحان الله مصدقا بأن تنزه الله عن كل عيب ونقص وافتراء ولكن التسبيح يجدد فيك معاني الاستشعار باليقين تدبر في الربط بين حق اليقين وسبح باسم ربك العظيم يقينك يزداد بكثرة التسبيح وتسبيحك يصبح قويا له معنا وصدا وأثر في نفسك كلما ازدت استشعارا بأن هذا هو حق اليقين تدبر في الربط تدبر في مفردة فسبح باسم ربك العظيم ونحن قلنا في المرة السابقة العبد المؤمن إذا استقر في مكنون قلبه ونفسه معنى أظمة الله سبحانه وتعالى أصبح الله جل شأنه عظيم في نفسه وهو العظيم فإذا عظم الله في نفسه تضاءل وصغر كل أحد وكل شيء في نفسه وبالتالي سيعظم أوامر الله ويأتيها ويقوم بها حق القيام سيعظم نواهي الله فيتجنبها ويبتعد عنها أشد الإبتعاد فإذا ما جاء أحد من الناس ممن يعدعون أن لهم العظمة وليسوا بعظماء ولكن فأراد أن يحل حراما أو يحرم حلالا أدركت حينها أن هذا لا يمكن أبدا أن يكون وأنت تعلم أن الرب قد حرم هذا وأحل ذاك أنت كلما ازدت إيمانا بسم الله العظيم كلما ازدت تعظيما لأمره سبحانه وتعالى تعظيما لشعائره ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب تعظيم كلماته وعظيم آياته من أن يفترى عليها ولذلك واحد من أعظم تعظيم شعائر الله أن لا تتجرأ على القول في كتاب الله بما لا تعلم وتجزم أن ذاك هو الرأي ولا رأي سواه أن لا تتواضع في جنب الله أن لا تتواضع مهما بلغ علمك لما بلغ علمك عليك أن تبقى متواضعا بين يدي الله سبحانه وتعالى خاضعا لآياته معلنا أن ما يفتح الله به عليك من رأي فإن كان صوابا فمن لله ومن الله ولله الحمد والمن علي وإن كان خطأا فمن نفسك فتستغفر الله عليك المعاني العظيمة التي تأتي مع التسبيح ما معنى التسبيح تنزي فتنزه كلام الله جل شأنه عن كل تحريف وعن كل تأويل فاسد وعن كل رأي باطل وأن لا تخضع آيات الكتاب لآرائك المسبقة لسبب أو لآخر لتعزز حزبا أو تعضد جماعة أو تدافع عن حاكم أو تواري باطل أو مشابة فما من أحد عنك بحاجز تدبروا في هذه المعاني العظيمة فما منكم من أحد عنه حاجزين وأنا وأنت لا أهدح جز عننا فسبح باسم ربك العظيم تدبر في عظمة السورة التي جاءت تكلمنا عن الحاقة وجاءت بجملة هذه الحقائق العظيمة الحاقة ما الحاقة وما أدرك ما الحاقة وفي نهاية السورة يقول فسبح باسم ربك العظيم وأنت لا تستقبل هذه الحاقة وعذي الحقائق بأعظم من التسبيح قلبا ولسانا وعملا وليكن قلبك مسبحا منزها لخالقه العظيم وليكن قولك فيما تقول مسبحا للخالق العظيم فلا تتجر على الله ولا على كلامه العظيم ودافع عن الكتاب العظيم دافع عن هذا الكتاب ولك شرف الدفاع عنه دافع عنه بعلمك بقلمك بصدقك بإحسانك دافع عن هذا الكتاب العظيم ودافع بعملك فعملك شاهد على ما تقول عملك شاهد على ما تدعو إليه كل هذه الأشكال تقع في دائرة التسبح فسبحان الله رب العرش العظيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته