د.رقية العلواني

جميع البحوث

ميراث المرأة في الاسلام بين النص والتأويل

العدد السادس والخمسون، السنة الرابعة عشرة - رجب، شعبان، رمضان ١٤٢٣ هـ - نوفمبر (تشرين الثاني)، ديسمبر (كانون الأول) ٢٠٠٢م، يناير (كانون الثاني) ٢٠٠٣م


في هذا العدد

سير وتراجم

  • استثمار أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع يعود على مستحقيها. الدكتور/ صالح بن زابن المرزوقي.
  • أثر الوفاة في عقود التوثيق في الفقه الإسلامي. الدكتور/ عدلان بن غازي الشعراني.
  • ميراث المرأة في الإسلام بين النص والتأويل. الدكتورة/ رقية طه جابر العلواني.

فتاوى الفقهاء

  • شرائط الواقف معتبرة إذا لم تخالف الشرع.
  • بيع البراءة.
  • التحفظ في الشهادة.
  • حكم ما إذا تنازع رب الدار والمكتري في شيء من الدار المكتراة.

مسائل في الفقه

  • القات: حكمه وما قيل فيه.
  • حكم الطفل المرفوع وما له من حقوق.
  • حكم دلالة البوصلة على القبلة.
  • الشركة في الماء بين الإطلاق والتقييد.
  • حكم من ترك الصلاة عمداً ثم تاب وماذا يجب عليه نحو قضاء ما فات منها.

كتب ورسائل في الفقه وأصوله.


ميراث المرأة في الإسلام بين النص والتأويل

الدكتورة / رقية طه جابر العلواني1

مقدمة : -

ازداد الحديث في الآونة الأخيرة عن قضايا المرأة وما يتعلق بها من أحكام، فمن تنصيف شهادتها إلى ميراثها إلى آخر ذلك من أمور، باتت تطرح كمدخل للطعن في موقف الإسلام من المرأة، بل إن البعض من هذه القضايا، تم عرضه وكأنه شاهد عيان على هضم الإسلام لحقوق المرأة وإهانته لإنسانيتها وإهداره لكرامتها!.

وقد ظهرت أدبيات الدفاع عن المرأة في فترة طغت فيها كتابات بعض المستشرقين وغيرهم ممن استهدفوا محاولات الهجوم على موقع المرأة في الإسلام ومنازلة مكانتها فيه. وراحت تلك الكتابات تحاول إضفاء سمة الظلم والانتقاص الواقع على المرأة المسلمة من جراء تمسكها بتعاليم الشرع التي لم تفتأ تنصف ميراثها وشهادتها...، حتى إن بعضها ذهب إلى مهاجمة تقاليد وعادات بعيدة كل البعد عن تعاليم الشرع على اعتبار أنها تمثل الإسلام وأحكامه وتشريعاته الخالدة. وهكذا ومنذ ما يزيد على قرن من الزمن، والأدبيات المهتمة بقضايا وشؤون المرأة تدور في فلك الدفاع عنها تارة والمقارنة والمقاربة مع الفكر الغربي تارة أخرى في محاولة للخروج أو التخفيف من وطأة تلك الحملة الفكرية العنيفة.

وقضية ميراث المرأة واحدة من القضايا التي طفت على سطح العديد من الكتابات والأدبيات، وأثيرت حولها زوابع فكرية واجتماعية واسعة، حتى بات التساؤل حولها من جديد أمراً مألوفاً لدى العديد من المؤلفين والكتاب المعاصرين، فما هي طبيعة الظروف الاجتماعية والفكرية التي ولدت تلك الأجواء الملائمة لإثارة الحديث حول ميراث المرأة من جديد، وما هو الدور الذي تلعبه تلك الظروف في إثارة أمثال هذه القضايا؟

هذا ما يروم هذا البحث الإجابة عليه من خلال المرور على مسألة ميراث المرأة بشكل عام عبر التاريخ مروراً بمسألة توريثها عند العرب قبل الإسلام، ثم الوقوف عند تشريع أحكام الميراث في الإسلام وفلسفته في ذلك. ومن ثم الانتقال إلى العصر الحاضر وتسليط الضوء على الظروف التاريخية والاجتماعية التي صاحبت ظهور الاهتمام المتزايد بمسألة نصيف ميراث المرأة، ومحاولة تتبع ذلك ورده إلى جذوره الفكرية ضمن دراسة تتبنى المنهج المقارن كلما دعت الحاجة إلى ذلك لإيقاف القارئ على بدايات تلك التوجهات تاريخياً وفكرياً.

تمهيد :

توارث الأموال وانتقال ملكيتها، نظام جاءت به الشرائع السماوية وسارت عليه غالب الأعراف البشرية في مراحلها المختلفة قبل الإسلام. وقامت تلك التشريعات بتطبيق قوانين متغيرة على المرأة تبعاً للوضعية التي كانت تعيشها والمكانة التي كانت تتبوأها في تلك المجتمعات. وتأثر نظام الميراث أنذاك بمختلف الظروف المحيطة بالمجتمعات والدول الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كذلك.2

ميراث المرأة في اليهودية :

ترى الديانة اليهودية في الرجل محور القوة والمنعة تبعا للمبدأ العام المتمثل في محورية الرجل في الحياة (Patriarchal system) في مختلف المجتمعات الزراعية والرعوية والريفية من جهة، ومحوريته في مواصلة البقاء في مجتمعات التشتت والتشرد الغالبة على اليهود في بقاع العالم. كما رأت في المرأة محور الذنب والخطيئة على هذه الأرض، وبهذا اعتبرت أحكام الميراث دائرة حول الذكر بمفرده. فالوارث هو الولد الذكر سواء أكان مولوداً من زواج شرعي أو غير شرعي. فالميراث للذكر ولا ترث الأنثى إلا في حالة فقد الذكور.

وتتجلى سمة التفرقة بين الأولاد الذكور أنفسهم عند اليهود في العبارة التالية الواردة في سفر التثنية:

"إذا كان لرجل امراتان: إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة، فولدتا له بنين، المحبوبة والمكروهة. فإن كان الابن البكر للمكروهة، فيوم يقسم لبنيه ما يكون ما كان له، لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة بكراً على ابن المكروهة البكر - بل يعرف ابن المكروهة بكراً ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده لأنه هو أول قدرته، له حق البكورية"3

وفي حالة فقد الذكور تتحول الأحقية للبنات كما جاء في سفر العدد:

"أيما رجل مات وليس له ابن، تنقلون ملكه إلى ابنته، وإن لم يكن له ابنة، تعطون ملكه لأخوته، وإن لم يكن له اخوة تعطون ملكه لأخوة أبيه. وإن لم يكن لأبيه أخوة تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه فصارت لبني إسرائيل فريضة قضاء، كما أمر الرب موسى"4

أما الميراث بين الزوجين فللزوج الحق في ميراث زوجته كاملاً دون مشاركة أحد من أقاربها ولا أولادها. فالمرأة كانت ملكاً لأهلها قبل الزواج وتكون ملكاً لزوجها بعد ذلك وأولادها. ولا ترث الأم من أولادها مطلقاً، ولكنها إن ماتت يكون الميراث لأولادها الذكور إن كان لها.5

وسارت المنظومة المسيحية في الميراث على ما كان معمولاً به في اليهودية إلى أن وضع بعض أباء الكنيسة تشريعات بسيطة في باب الميراث مستمدة في الغالب من النظامين اليهودي والروماني، مما جعل تلك الدائرة تتسم بالفراغ التشريعي الهائل.

الميراث عند العرب قبل الإسلام :

تأثر نظام الميراث عند العرب قبل الإسلام بعوامل متعددة، من أبرزها طبيعة الحياة التي اتسمت بالتنقل والترحال وكثرة الحروب الطاحنة والاعتداءات بين القبائل، مع غياب السلطة المركزية التي يمكن أن تقوم بهذه المهام في سبيل إشاعة الأمن والاستقرار.

وعلى هذا فقد حرم العرب في الجاهلية، الأطفال والنساء من الميراث وذلك لعدم قدرتهم على تحمل مسئولية الذب والدفاع عن القبيلة. فالميراث عندهم نظام مرتبط بالحماية والدفاع عن الأسرة الكبيرة - القبيلة - أكثر من تعلقه بالقرابة والنسب ونحوهما من علاقات اجتماعية. فالقبيلة تقوم بكافة الوظائف الدينية والسياسية والقضائية ونحوها.

وقد كان للميراث عند العرب قبل الإسلام، العديد من الأسباب والشروط، منها القرابة. وهذا فيما يتعلق بالذكور، أما النساء فإنهن لا يرثن مطلقاً سواء كن أخوات أو بنات أو أمهات. جاء في أحكام القرآن: "قد كان أهل الجاهلية يتوارثون بشيئين أحدهما النسب والآخر السبب فأما ما يستحق بالنسب فلم يكونوا يورثون الصغار ولا الإناث وإنما يورثون من قاتل على الفرس وحاز الغنيمة.. إلى أن أنزل الله تعالى: يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم .... الآية".6 إلا أنه ورد عن بعض العرب. توريث البنات في بعض الحالات ومساواتها مع الابن، ومن هؤلاء ذو المجاسد اليشكري عامر بن جشم بن حبيب.7

بيد أن الحالة العامة السائدة أنذاك كانت تقتضي في نظرهم، حرمان الأنثى من الميراث مطلقاً وهذا ما شاع بين مختلف القبائل العربية، وكان أمراً مبرراً له ما يسوغه عندهم تماماً، فالمرأة بحاجة إلى حماية وصيانة خاصة في ذلك المجتمع المشحون بالاعتداءات والحروب والغارات والرجل هو القادر على القيام بذلك الدور، فإعطاء الميراث للرجل دونها، أمر مستساغ وله مبرراته، فهم لم يورثوا إلا من حمل السلاح وحاز الغنيمة وقاتل على ظهور الخيل.8

فلسفة الميراث في الشريعة الإسلامية :

استمر العمل بنظام الميراث السائد بين العرب في صدر الإسلام على أساس أن الأحكام التشريعية كانت تتنزل بصورة تدريجية إلى أن نزلت آيات المواريث والتي ألغت تلك القوانين الجائرة التي سار عليها العرب ردحاً من الزمن كما ذكره الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن "وقد كانوا أي الناس في صدر الإسلام - مقرين بعد مبعث النبي ﷺ على ما كانوا عليه في الجاهلية في المناكحات والطلاق والميراث إلى أن نقلوا عنه إلى غيره بالشريعة. فقد أقر رسول الله الناس على ما أدركهم من طلاق أو نكاح أو ميراث".9

وقد جاء إقرار توريث النساء في الإسلام في آيات قرآنية عديدة تبعاً لموقع المرأة وقرابتها من الميت، فحدد نصيب البنت مع أخيها بقوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}.10 كما ورث الزوجة وجعل لها نصيباً مفروضاً، قال تعالى: {فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ...}.11

وحظيت أحكام الميراث - والتي عرفت فيما بعد بعلم الفرائض - باهتمام بالغ فقد حث الرسول عليه الصلاة والسلام على تعلمه وتعليمه لأهميته، وكان كبار الصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون في تعلمه. وخلافاً لغالب التنظيمات الأخرى في الشريعة الإسلامية، فقد جاء تنظيم الميراث بتفصيل دقيق لكل الأنصبة ومستحقيها وأوجه استحقاقها لحسم كل أسباب النزاع الذي يمكن أن يتولد من جراء توزيع الأنصبة على مستحقيها. وما ذاك التفصيل الدقيق إلا للحفاظ على المقصد الأساسي الذي قام عليه في الأصل نظام الميراث، ألا وهو صيانة أصرة القرابة وروابطها من أي تصدع أو تفكك.

ولم يلق ذلك التغيير في نظام الميراث استحسانا أو قبولاً من قبل عدد من الناس الذين درجوا على عادة حرمان النساء من الميراث، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد. الذكر والأنثى والأبوين كرهها الناس أو بعضهم وقالوا: تعطى المرأة الربع والثمن وتعطى الابنة النصف ويعطى الغلام الصغير وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة اسكتوا عن هذا ثم لعل رسول الله ينساه أو نقول له فيغيره. فقال بعضهم يا رسول الله أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم ونعطي الصبي الميراث وليس يغني شيئاً وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا من قاتل ويعطونه الأكبر فالأكبر.12

وتدرج الإسلام في أحكام المواريث نظراً لظهوره في بيئة جاهلية تمكنت منها قوانين بالية مجحفة تقوم على هضم حقوق الضعفاء والأطفال والنساء، فقد كان القانون السائد - كما أشرنا سابقا - أن الميراث للرجال باعتبار أن الدفاع عن العشيرة والقبيلة يقع على كاهلهم.

وقد صورت الروايات الواردة في التفاسير، الحالة السائدة والأوضاع الاجتماعية التي ألفها الناس من حرمان المرأة المطلق من أي نصيب في الإرث سواء أكان من أب أو زوج أو ابن. كما روت كتب التفاسير رفع شكوى عدد من النساء اللواتي حرمن من ميراث أب أو زوج وتركن بلا رعاية إلى النبي ﷺ. كما تشير الروايات إلى تزايد الشعور في المجتمع المسلم الفتي بضرورة نبذ وترك عادات الجاهلية القاضية بحرمان المرأة من الميراث لعدم قيامها بمؤونة العشيرة والذب عنها.13

ومن هنا فقد بدأ الإسلام أولاً بتقرير حق توريث تلك الفئات المستضعفة وإثبات أحقيتها في الميراث سواء أكان كثيراً أو قليلاً، وبهذا التنظيم أتى على ركن نظام الميراث في الجاهلية، قال تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}.14

فالإسلام حين منح المرأة الحق في الميراث، أبطل بذلك عادات الجاهلية وما حملته من تراكمات وموروثات ثقافية جائرة من الأمم السابقة في تعسفها إزاء المرأة، كما أتى على كل الأعراف المناقضة لمقاصد تعاليمه وشريعته القائمة على العدالة. وبهذا أصبحت نصوص الميراث قاضية على الأعراف الفاسدة والعادات الجائرة رغم تغلغلها في النفوس وتمكنها من المجتمع أنذاك. وبذلك أرسى دعائم وأسس التعامل مع الأوضاع الاجتماعية المجحفة المخالفة لأحكامه كما أبرز أهمية حاكمية النصوص القرآنية المطلقة على كل ما يخالفها من أوضاع اجتماعية أو أعراف منافية لتلك النصوص ومضامينها.

وهكذا يجد كل الأفراد من أصول وفروع وحواش وأقارب أنصبة محددة ثابتة واضحة باعتبار أن نظام الميراث في الشريعة الإسلامية وسيلة لصلة الرحم وإدامة لمشروعية انتقال الملكية المعروفة.15 والتشريع الإسلامي حين أعطى للنساء نصيباً مفروضاً، جعل للذكر مثل حظ الأنثيين فالرجال تلحقهم مؤن كثيرة وتحمل غرامات ونفقات وغير ذلك.16 والرجل تقع على كاهله إعالة الأسرة بما فيها البنات فكان ذلك التشريع متمشياً تماماً مع تلك المسئولية والعبء المالي المناط على عاتقه.

وعلى هذا النهج القويم فهم العلماء السابقون تلك النصوص الواردة حول ميراث المرأة وأجروها على ظواهرها الواضحة، ولم يكن لهم فيها إلا ما ظهر من محاولات بعضهم في تعليل الحكم على النحو المذكور آنفاً. فالأحكام الشرعية المنصوص عليها في قضية ميراث المرأة لا تخرج عن نطاق النصوص القطعية الثبوت والدلالة، وهي على هذا الأساس غير خاضعة ولا قابلة لتأويل جديد أو فهم آخر بعيد عن ذلك المسار. فالعقل يتحدد دوره تبعاً لماهية دلالة النص من حيث القطعية والظنية. والنصوص الواردة في مسألة ميراث المرأة نصوص قطعية الورود من حيث أنها بمجموعها آيات قرآنية، وقطعية الدلالة من حيث أنه لا يمكن أن يفهم من النص غير تنصيف نصيبها فهو مقدر ومحدد فدور العقل محصور عند هذا الحد. فالأحكام المستخرجة من هذه النصوص وأمثالها لا يجوز تغييرها ولا تجاوزها17 تبعاً لتغير الظرفية الزمانية أو المكانية.

وعلى هذا ذهب الأصوليون إلى أن كل نص قاطع في الدلالة على معناه بحيث أصبح مفسراً تتضح فيه إرادة الشارع دون لبس أو غموض لا يجوز الاجتهاد فيه بل يحرم وذلك كالنصوص المتعلقة بالعقائد والعبادات والمقدرات من الكفارات والحدود وفرائض الإرث والنصوص المتعلقة بأمهات الفضائل والقواعد العامة وأساسيات الشريعة كل ما ثبت من الدين بالضرورة.18

ولو كان هناك ثمة تصور لإمكانية التغيير أو التعديل في تلك الأحكام المستنبطة من نصوص القرآن الكريم الصريحة، لكان الأولى الإبقاء على الأحكام السائدة آنذاك والتي كانت تقتضي حرمان المرأة من الميراث مطلقاً، فإبقاء الناس على أوضاعهم المألوفة أيسر بكثير من تغييرها، ولكن الشريعة الإسلامية بأحكامها العادلة وإن كانت تراعي الظرفية الاجتماعية إلا أنها جاءت مصححة للفاسد منها ومغيرة لكل ما هو مناف لقيمة العدل فيها. وفي هذا كله دلالة واضحة على أن تلك الأحكام جاءت لتبقى ولم تأت لفترة محددة ولا لمجتمع معين.

تأويل نصوص ميراث المرأة عند المعاصرين :

بدأ أمر تأويل النصوص المتعلقة بميراث المرأة، يتخذ أبعاداً جديدة تختلف عما كان عليه الأمر في تلك العصور الخيرة، فقد تسلل العديد من الأعراف المخالفة لتعاليم الشرع إلى المجتمعات المسلمة المختلفة شيئاً فشيئاً حتى تمكنت من إطلاق القول بالدعوة إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات.

وظهرت آثار تلك الظروف والأحوال التاريخية والاجتماعية واضحة جلية في فكر العديد من الكتاب المعاصرين ممن رأوا في نصوص الميراث مناهضة صريحة لما بات يسري في مجتمعاتهم من دعاوى المساواة المطلقة بين المرأة والرجل وتحرير المرأة وحقوقها.

وواقع الأمر أن تلك الدعاوى ظهرت في بداية الأمر وتم طرحها من قبل عدد من المستشرقين. فقد طرحوا مسألة تنصيف ميراث المرأة على أساس أنها نوع من التمييز والتفرقة بين الرجل والمرأة. واعتبروا أحكام الشريعة الإسلامية معززة لهذا التمييز ودليلاً واضحاً على إهدار الإسلام لكرامة المرأة وآدميتها وسلباً لحقوقها المشروعة.

ووقفت العديد من تلك الأدبيات أمام النصوص القرآنية المتعلقة بالميراث موقف الباحث عن تأويل جديد لتلك النصوص يمكن من خلاله مسايرة ومواكبة التوجهات والظروف الفكرية والاجتماعية الصاعدة آنذاك. وهكذا جاءت إلى نصوص الميراث برؤى مسبقة فأولت من خلالها تلك النصوص وفق تلك الأفكار والرؤى، ذلك التأويل الذي وصل في بعض الأحيان حد التعسف والدخول في محاولات لي أعناق النصوص لتمرير تلك التأويلات والأفكار الجاهزة.

فذهب بعض الكتاب إلى أن النصوص المتعلقة بميراث المرأة قد نزلت في بيئة جاهلية هضمت حق المرأة ولم تعرف لها نصيباً مطلقاً، فكان لابد من التدرج في شرع ميراث المرأة وفرضه على تلك البيئة الجاهلية، فنزلت الآية القرآنية مقررة حق التنصيف كمرحلة أولية، لها ما بعدها وعلى المجتمعات المتلاحقة مراعاة ذلك أي القيام بإتمام عملية التدرج في التشريع وبما يتوافق مع المجتمعات وتطورها.

وقد ظهر هذا القول وساد في بدايته بين عدد من المستشرقين الغربيين الذين رأوا في الشريعة الإسلامية مجرد حالة متطورة للقانون الجاهلي السائد بين العرب أنذاك. كما جاء على لسان كولسون في كتابه الميراث في الأسرة المسلمة:

"تحتل قوانين الميراث موقعاً بارزاً ومهماً في إطار النظام الإسلامي على وجه الخصوص وتزودنا تلك القوانين من الناحية التاريخية بمثال بارز على التطور القانوني في الإسلام ذلك القانون الذي تمكن من خلال إضافة مقاييس وتعديلات جديدة مقدمة في إطار الدين. من تركيب وصياغة قانون مركب على القوانين العرفية السائدة من جهة وعلى تلك التعديلات من جهة أخرى وصهرها بشكل تدريجي ضمن قانون متماسك متوافق" "Within the framework of the Islamic system as a whole the laws of succession occupy a particularly prominent and important position. Historically they provide an excellent example of the general process of legal development in Islam, under which new standards and precepts introduced by the religion were super-imposed upon existing customary law and the two heterogenous elements gradually fused and welded together into a composite and cohesive system"19

والمتأمل في مختلف دوائر الفكر الديني في اليهودية والمسيحية والإسلام كذلك، يلحظ محاولة العديد من الكتاب الإخضاع الدين وأحكامه لفلسفة التطور الداروينية، وإعادة ذكر ما تناوله التطوريون بصورة تتنافى مع كل ما جاء في الكتب السماوية.

فالدين في نظر هؤلاء تراكم لعناصر ثقافية متوارثة عن الأمم والشعوب عبر التاريخ بمعنى أن الدين تاريخ يقع في إطاره وليس بخارج عنه. وقد سوى أصحاب هذا الاتجاه بين الدين والفكر الديني مما ساق في نظرهم إلى النظر إلى الأحكام الشرعية الثابتة بالوحي على أنها ذات قيمة تاريخية نسبية تخضع لسنة التغير والتطور.

فلم يميز هؤلاء بين الشريعة الصادرة عن دين صحيح سماوي مصدره الوحي الإلهي. لا يمكن أن تخضع في أساسياتها وأصولها للتطور والتبدل والتغيير بحكم مرجعيتها الإلهية المعصومة، وبين الفروع والجزئيات التابعة لحياة الناس في المجتمعات المختلفة القابلة بطبيعتها للتغيير والتعديل والتطور وفق احتياجات الناس وأحوالهم. وهكذا اعتبروا أن الأحكام الشرعية الثابتة بالوحي ذات قيمة تاريخية نسبية تخضع لسنة التطور والتغير.

أولاً : أثر فلسفة التطور الداروينية في الأديان :

كان لنظرية التطور العضوي الداروينية أبعد الأثر وأعمقه على الفكر الاجتماعي في الغرب، فاعتقد العديد من الكتاب في ذلك الوقت ضرورة التشابه بين المجتمعات البشرية والتطور البيولوجي. وهذه النظرية تعود في جذورها إلى أنصار مذهب التطور التقدمي أو التصاعدي الذي ساد أوروبا في القرن التاسع عشر في أكثر من فرع من فروع العلوم وحاول تطبيقه على الأديان عدد من العلماء منهم سبنسر، تيلور، فريزر ودوركايم وغيرهم.20

ويتضح ذلك في اتجاهات الحركة الإصلاحية أو التنويرية في اليهودية في ألمانيا في عام ١٨٤٥م عندما أصدرت فلسفتها الأولية القائمة على أساس أن اليهودية دين تطوري دائماً يتوافق مع متطلبات الزمان والمكان وأن اليهود ليسوا أمة ملتزمة بقانونها السياسي الديني ولكنها تلتزم فقط بضوابط القانون الأخلاقي وعليه فتلك الطقوس التي وقفت في طريق مشاركة اليهود الكاملة في الحياة الاجتماعية والسياسية في ألمانيا لم تعد تعبر بشكل صحيح عن حقيقة الدين اليهودي.

جاء في الموسوعة البريطانية في توصيف هذا الموقف:

"Judaism was declared had always been a developmental religion that conformed to the demands of the times, and since the jews were not now a nation, there were no longer, bound by their entire religious- political code of law, but only by the dictates of moral law. Thus those rituals which stood in the way of full jewish participation in German social and political life were no longer considered valid expressions of jewish religious truth"21

وقد أدى هذا التشبث بفلسفة التطور في الحركة الإصلاحية في اليهودية إلى إسقاط جميع الأحكام الشرعية الخاصة بالحلال والحرام ففي عام ١٨٨٥م أعطت فلسفة الإصلاحيين صياغتها الأكثر شمولية في مؤتمر الإصلاح في باتسبيرغ. وتم إعلان أن اليهودية دين تطوري يعني أن التلمود مجرد أدب ديني لا قانون تشريعي وقد بقيت تلك المبادئ التعاليم لمؤتمر باتسبيرغ الفلسفة الرسمية لحركة الإصلاح اليهودية لأجيال تالية.22

أما في المجتمعات المسلمة فقد تقلد زعامة هذه الدعوى العديد من المستشرقين الذين دعوا إلى تطوير المجتمع المسلم ودفع عمليات التغريب في مختلف المجالات ودعوة كافة طبقات المجتمع للمشاركة في ذلك كل من خلال عمله، على اعتبار أن الدين وأحكامه أخذ في التطور والتدرج وأن الحياة الاجتماعية كفيلة بإحداث التطور في مختلف المفاهيم الإسلامية بما فيها ميراث المرأة.23

فالشريعة الإسلامية في نظر عدد من هؤلاء المستشرقين، ما هي إلا حالة متطورة من القانون المألوف والعرف السائد قبل الإسلام الذي تم تعديله بشكل رئيسي خارج بلاد العرب. والقانون العرفي أنذاك لم يتم تجميعه بشكل عشوائي مجرد، بل على بعض مبادئ وإجراءات مسبقة، تجسدت في صورة أحكام وتشريعات. ويشير إلى ذلك الرأي الكاتب روبرت في مؤلفه العادات وقانون الشريعة في المجتمع العربي:

"The author regards Shariah as developed from pre-Islamic customary law. mainly outside Arabia, which is modified, sometimes to a quite considerable extent. Customary law which is no mere, semi-random assemblage of precedents, is based on certain principles and procedures, sometimes embodied in maxims"24

كما نجم عن تطبيق نظرية التطور مختلف نظريات الإسقاط عند رجست كونت الذي ذهب في نهاية الأمر إلى أن الدين والفلسفة قد مرا بمراحل بائدة ومنقرضة ولا مجال لاعتبار الوحي مصدراً للمعرفة فالدين له إسقاطات وليس ثمة تفسير للوجود العام والخاص إلا العلم المادي الوضعي.

ومن مشاهير المستشرقين الذين تبنوا هذا الاتجاه كذلك اجنتس جولد تسهير25، وألفرد كانتويل سميث، وذهب الأخير إلى أن الإسلام مر بمراحل عديدة من التطور العقائدي والتشريعي، وعلى هذا فأحكام الإسلام لابد من تغييرها وفق تغير الزمان والظروف.26

بيد أن ذلك لم يمنع من شيوع حقيقة وأصالة أحكام الشريعة الإسلامية استمدادها من الوحي المعصوم الثابت. وقد تنبه لهذه الحقيقة بعض المنصفين في الفكر الغربي وأكدوا على مغايرة الشريعة الإسلامية لكل قوانين الوضعية السائدة كما جاء في الموسوعة البريطانية:

"law was imposed upon society from above. In Islamic jurisprudence it in not society that moulds and fashions the law, but the law that precedes and controls society".27

"فالشريعة تختلف عن الأنظمة القانونية في الغرب من ناحيتين أساسيتين: الأولى، أن نطاق الشريعة أوسع بكثير، فهي لا تقف عند حديد علاقات الإنسان مع أقاربه وجيرانه والدولة فحسب كما هي الحال في القوانين الأخرى، بل تمتد لتشمل تحديد علاقته مع خالقه كذلك، أما الفارق الأساسي بين الشريعة والقوانين الغربية، فيكمن في المفهوم الإسلامي للقانون كتعبير عن الإرادة الإلهية المحضة، وبخلاف الأنظمة القانونية العلمانية التي نمت خارج المجتمع وتغييراته وظروفه، فرضت الشريعة على المجتمع من الإرادة العليا، وعلى هذا ففي علم التشريع الإسلامي، لا يتدخل المجتمع ليصمم القانون وسيره، بل القانون هو الذي يتحكم في سيرورة المجتمع والسيطرة عليه"

"The Shariah differs from Western systems of law in two principles respects. In the first place the scope of the Shariah is much wider, since it regulates man's relationship not only with his neighbours and with the state, which is the limit of most other legal systems, but also with his God and his own conscience. The major distinction between the law as the expression of the divine will. Unlike secular legal systems that grow out of society and changes with the changing circumstances of society. Sharia"28

إلا أن فلسفة التطور وجدت أذاناً صاغية لدى عدد من المؤلفين في المجتمعات المسلمة، الذين ساروا على هذا النهج في كتاباتهم خاصة ما يتعلق منها بالمرأة وأحكامها. وهكذا تم النظر إلى التشريعات المتعلقة بالمرأة من ميراث وشهادة ونحوهما أنها ذات قيمة نسبية لا ينبغي أن تفهم إلا ضمن الإطار التاريخي والأعراف السائدة في وقت نزولها وأن العيب ليس فيها بل العيب فيمن يتبناها ويعتبرها ديناً. "هذه التشريعات لا تفهم إلا في إطارها التاريخي ضمن الأعراف القبلية في الجزيرة العربية في إطار مجتمع كانت السيادة فيه والسيطرة للرجل، وكان منهج السلوك فيه هو استنباط الأحكام من النصوص، وكان مجتمع سلطة وليس مجتمع تحرر، مجتمع ضبط اجتماعي وليس مجتمع حراك اجتماعي والعيب عيبنا أننا تصورنا أن المتحول ثابت وأن الزمان قد توقف وأن التاريخ أبدي وقدسنا اجتهادات البشر وحولنا الأعراف إلى شرائع واعتبرنا التقاليد سنناً وعوضنا إحساسنا بالعجز والضعف في تعظيم القدماء وتقديس الشريعة، وأغفلنا العصور ووضعنا أنفسنا خارج الزمان".29

ولكن المجتمع القبلي لم يكن هو المحدد لتنصيف ميراث المرأة أصلاً بل النص القرآني هو الذي جاء بهذا التشريع ولم يحدث في تلك الفترة أن يصبح المجتمع هو المشرع بل إن الإسلام جاء على مختلف الأحكام القبلية السائدة وألغى كل ما خالف أحكامه وتشريعاته الصادرة من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

كما أن منهج السلوك في المجتمع المتغير بطبيعته - لا تستنبط منه أحكام وتشريعات ثابتة. فالأحكام والتشريعات الثابتة غير القابلة لأي تغير أو تبدل، إنما تستنبط من نصوص ثابتة مفارقة للزمان والمكان، حاكمة على الأعراف والظروف المتغيرة. فأحكام الشريعة الثابتة المبنية على نصوص الشرعية الواردة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، المنزلة إلى البشر من خارج مجتمعاتهم، ليست بنصوص تاريخية، وهذا بخلاف أعراف والظروف السائدة في المجتمعات والخاضعة بطبيعتها للتاريخية والتغير.

كما أن القول بإمكانية وقوع التطوير في أساسيات الشريعة وأبجدياتها يستلزم وجود نقص أو خلل في تلك الأحكام وأنها بجملتها لا تفي بحاجات مختلف المجتمعات على مر الأزمنة والعصور وفي هذا كله منافاة صريحة لطبيعة الشريعة الإسلامية المفارقة لتقلبات الظرفية الزمانية والمكانية، فهي شريعة صالحة لكل زمان ومكان. وطالب أصحاب ذلك النهج بوجوب المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة وأن تلك المساواة هي الحالة المثلى التي ينبغي أن تسير عليها مجتمعات المسلمة بعد سريان رياح التطور إليها والتقدم. وضع المرأة السابق لم يكن يعترف بوجودها كإنسان له حق الحياة، وبالتالي لم يكن لها حق الملكية أو الميراث، فجعلت لها الشريعة حق الملكية والاحتفاظ باسمها بعد الزواج وحق إجراء البيع والشراء، وجعل لها نصف ما للرجل، وذلك يعد تقدماً بالنسبة لمساواة المرأة بالرجل. هذا بالإضافة إلى أن الميراث بعد الدين والوصية في الثلث، يمكن للأب أن يكتب لابنته جزءاً من الوصية حتى تساوي ميراث الابن. كما أن البنت بانتقالها إلى منزل الزوجية تأخذ ميراثها معها وبالتالي يضاف إلى الأسرة الجديدة ما ينقص الأسرة القديمة. ولما كان المجتمع العربي الجاهلي مجتمعاً قبلياً فقد جعل للذكر مثل حظ الأنثيين حفاظاً على الثروة من التفتت والضياع وتنتهي الحكمة من ذلك بانتهاء النظام الاجتماعي القبلي نفسه كما أن الميراث في مجتمع إسلامي يمكن استثماره قبل الوفاة نظراً لحاجة المجتمع للاستثمار. وإذا كان النبي قدوة فإنه لا يرث ولا يورث، وكل ما فاض عن الحاجة فإنه يكون لصالح المجتمع وليس لصالح الأفراد حتى ولو كانوا من نفس النسب فالأمة هي النسب الأكبر والأعم.30

ويعكس هذا التأويل لنصوص الميراث، التأثر الواضح بالفلسفات السائدة الرامية إلى القول بتاريخية النصوص القرآنية وارتهانها بالزمان والمكان الذي نزلت فيه. فالدين في نظرهم تاريخ وليس مفارقاً أو خارجاً عنه، وهكذا تم النظر إلى أحكام الدين الثابتة بنصوص الوحي على أنها ذات قيمة تاريخية نسبية تخضع لسنة التغير والتطور.31

ثانياً : انتشار فكر المساواة والدعوة إلى تحرير المرأة :

برز التيار النسوي في المجتمع الليبرالي الرأسمالي كحركة لتحرير المرأة والدعوة إلى مساواتها المطلقة بالرجل في القرن التاسع عشر نتيجة للتردي في أوضاع المرأة وتدهورها في ظل الثورة الصناعية وما تلاها، وفي عام ١٩٦٦م تم إنشاء الجمعية الوطنية للمرأة - The National Organization For women - في الولايات المتحدة الأمريكية للمطالبة بحقوق المساواة للمرأة.

والمتتبع لتاريخ المرأة في الفكر الغربي، يشهد تفجر العديد من الممارسات الممقوتة تجاهها على مدى فترات تاريخية طويلة. وقد تمت تلك الممارسات بناءاً على قواعد راسخة في الذهنية الغربية وطدت دعائمها وركزت جذورها الأساطير اليونانية والتقاليد الرومانية من جهة وتعاليم وأقوال العهد القديم وبولص من جهة أخرى المتمثلة في عدائها المستفحل للمرأة باعتبارها وريثة حواء في إغواء البشر والإيقاع بهم في الرذيلة وإخراج آدم عليه السلام من الجنة.32 وهكذا قام تيار النسوية منذ بداية نشأته بدور مضاد ومناقض لدور الكنيسة ورجالاتها.

وقد سرت رياح التيار النسوي إلى العديد من مناطق العالم، خاصة تلك التي وقعت تحت الاحتلال الغربي في منتصف القرن التاسع عشر وما تلاه. ولاقى ذلك التيار بدعاويه المختلفة دعماً واسعاً من قبل منظمة الأمم المتحدة التي أعلنت في عام ١٩٤٥م، أول وثيقة عالمية تبنت فيها حقوق المساواة بين الرجل والمرأة.

"They have preconceived notions about European society, and idealized the seeming freedoms women enjoyed there. They neither knew the European abuses from which European women suffered, nor did they have any understanding of the plight of women in their own societies. They tacitly blamed Islam for many of the ills from which women suffered".33

فالناظر في المنظومة التشريعية في الإسلام، يلحظ فقدان تلك الحركات والدعاوى لشرعيتها ومبررات نشأتها وتقمصها في المجتمعات المسلمة، فالتشريعات والأحكام الخاصة بالمرأة في الإسلام استندت إلى نصوص لم يتسرب إليها تحريف أو تبديل كما روعيت فيها قيم العدل والمساواة ابتداء لأنها من لدن العليم الخبير.

ولئن كان لتلك التيارات والحركات الداعية إلى تحرير المرأة في الغرب ما يبررها نتيجة للحيثيات التاريخية والاجتماعية التي منيت بها المرأة في الغرب، فإن تلك الحركات والدعاوى تفقد مبررات نشرها أو وجودها أصلاً في المجتمعات المسلمة، لقد قامت تلك الحركات في الغرب بالثورة على تعاليم محرفة وأقوال وسلوكيات بشرية تحكم فيها الأثرة والجهل. وقد أدرك عدد من المنصفين في الغرب هذه الحقيقة، فقد أشار الكاتب المعتدل ويلثر إلى ذلك بقوله: "لقد قام هؤلاء – يعني دعاة التحرير والمساواة في المجتمعات المسلمة – بتصورات حول المجتمع الأوروبي تعبر عن الحرية الظاهرية التي تتمتع بها النساء هناك. إلا أنهم لم يدركوا حجم الانتهاكات التي تعاني منها النساء في أوروبا كما لم يدركوا وضع النساء في مجتمعاتهم. وعلى هذا قاموا بتوجيه أصابع اللوم والاتهام ضمناً لتعاليم الإسلام نتيجة عناء المرأة".

أما ما ينسب إلى الإسلام من بعض السلوكيات المنحرفة أو التأويلات والأعراف المناقضة أصلاً لتعاليمه، فهذا كله من باب التجوز والخلط بين الدين بأحكامه وتشريعاته العادلة، وبين طريقة فهم وتأويل تلك التعاليم والتشريعات التي يمكن أن يعتريها الخطأ والانحراف والتجاوز بحكم بشريتها وقابليتها لجريان الصواب والخطأ في اجتهاداتها وسلوكياتها. فالنقد ينبغي أن يصوب نحو تلك التطبيقات والتجاوزات التي قلما تخلو منها أمة من الأمم، لا نحو التعاليم المنزهة عن كل خلل أو تجاوز.

وهكذا تبنى عدد من دعاة المساواة في المجتمعات المسلمة تأويلات بعيدة لنصوص الميراث بناءاً على فكرهم المسبق المبني على الدعوة إلى تحرير المرأة ومساواتها المطلقة بالرجل. وذهبوا إلى أن الإسلام لم يقرر نزول ميراث المرأة عن الرجل كأصل من أصوله التي لا يتخطاها فقد سوى بين المرأة والرجل في مسائل كثيرة، فالإسلام في جوهره لا يمانع في تقرير هذه المساواة من كامل وجوهها متى انتهت أسباب التفوق وتوفرت الوسائل الموجبة لذلك.34

لقد مهدت تلك الظروف الفكرية والاجتماعية لسريان القول بأن الإسلام وتشريعاته للمرأة، أسس فكر التمييز والتفرقة بين الرجل والمرأة. ولجأ الكثير من الكتاب إلى الاستشهاد ببعض النصوص والأحكام التي جاء بها الإسلام، مقتطعة من السياق الذي وردت فيه، وتم تأويلها وفق تلك النظرة فحسب ... فلجأوا إلى النصوص التي جعلت ميراث وشهادة المرأة على النصف من الرجل: و رخصت للرجل التعدد ..35

كما اتجه البعض من تلك الأدبيات إلى أن تلك النصوص الشرعية بما حوته من مبادئ قانونية كانت ضمن سياق ثقافي واقتصادي واجتماعي محدد، أما وقد تغير ذلك السياق وتلك الظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، فالنصوص لم تعد مدعاة لشرعية التفرقة والتمييز بين الرجل والمرأة مطلقاً. "أحكام التشريع في القرآن ليست مطلقة ولم تكن تشريعاً مجرداً مطلقاً فكل آية تتعلق بحادثة بذاتها فهي مخصصة بسبب التنزيل وليست مطلقة وكل آيات القرآن نزلت على الأسباب أي لأسباب تقتضيها سواء تضمنت حكماً شرعياً أو قاعدة أصولية أو نظماً أخلاقياً، إنها أحكام مؤقتة ومحلية تنطبق في وقت محدد وفي مكان بعينه.. وبوفاة الرسول ﷺ انتهى التنزيل وانعدم الوحي ووقف الحديث الصحيح وسكنت بذلك السلطة التشريعية الإلهية".36

"من السهل هذا أن تعتبر هذا الحكم (أي تنصيف ميراث المرأة) مرتهناً بالشروط الاجتماعية والتاريخية ومن السهل أن نعتد بالتغيرات التي حدثت خلال خمسة عشر قرناً، ونتحرك مع اتجاه حركة النص فتقرر أن للمرأة مثل نصيب الذكر دون أن نكون قد وقعنا في خطيئة مخالفة المبادئ الأساسية للشريعة التي على رأسها المساواة".37

إن المتأمل في أحكام الميراث وتحديد الأنصبة بما فيها ميراث المرأة، يلحظ أنها من القضايا التي نادراً ما تناولتها الشريعة بالتفصيل وذلك حسماً لمادة الخلاف المتوقع في مثل تلك الحالات وحفاظاً على البنية الاجتماعية والأسرية على مر الأزمان والعصور، وتأكيداً على عدم قابلية إخضاعها لتقلبات الظرفية الزمانية والمكانية. وعليه فلم يكن لاجتهادات العلماء السابقين فيها نصيب، ولا للظرفية الاجتماعية أو التاريخية محل، فالاجتهاد البشري كان محصوراً في إطار محاولة فهم الحكمة من وراء التشريع ليس إلا، ذلك أن النصوص الواردة في مسألة الميراث – كما أشرنا سابقاً – نصوص قطعية الثبوت والدلالة، ودور الاجتهاد محدود فيها ضمن ذلك السقف، ولم يكن للمجتمع في أي ظرف حاكمية على النصوص الشرعية بل جاء الشرع حاكماً ومصححاً ومهذباً لمختلف مناحي الحياة والظروف الاجتماعية. كما إن القول بأن أحكام القرآن الكريم جاءت لمجتمع له أسسه وروابطه الخاصة، قول يسوق إلى الحكم على الإسلام بالإقليمية ويقوض عالمية رسالته وصلاحيتها الأصيلة لكل زمان ومكان من خلال مصادرته الأحكام الشرعية والحكم عليها بأنها صديات لظروف تاريخية واجتماعية تجاوزها الزمن.

بيد أن الظروف التاريخية والاجتماعية وصديات الدعوة إلى المساواة والتطور، تضافرت مع مختلف التيارات الفكرية الوافدة وحالة الضعف التي منيت بها العقلية المسلمة في العصور المتأخرة على وجه العموم، لتتمخض عن جو ملائم، ظهرت فيه العديد من التأويلات البعيدة المخالفة في جوهرها لتعاليم الشارع ومقاصده، فالمجتمعات في فترات ضعفها وانحلالها تتسرب إليها عادات وتقاليد العناصر الغالبة فيها، والمغلوب مولع بتقليد الغالب. وبلغت تلك التأويلات والدعاوى أوجها فقد ذهبت بعض الكتابات إلى التصريح بأن الإسلام قد أهدر كرامة المرأة وألغى إنسانيتها بإعطائها النصف من الميراث وليس ثمة أمل في إنقاذ المرأة باعتبار أن ذلك الحكم القاضي بالتنصيف مأخوذ من نصوص قرآنية صريحة وقاطعة ومقدسة.38

خاتمة

أسفرت هذه الدراسة عن النتائج التالية:

  1. أهمية الوقوف على الأوضاع التاريخية والتيارات الفكرية والاجتماعية المقارنة لظهور العديد من القضايا المتعلقة بالمرأة بشكل خاص. وتظهر تلك الأهمية عند التعرض لطريقة تناول المفكرين لتلك القضايا وكيفية طرحهم لها ومن ثم أحكامهم واجتهاداتهم فيها.
  2. خطورة إقبال البعض من الكتاب في الوقت الراهن برؤى مسبقة، تلجأ إلى النصوص في محاولة لتأويلها وفق تلك الرؤى الجاهزة نتيجة لتأثرهم الواضح بالظروف والتيارات السائدة في بيئاتهم ومجتمعاتهم.
  3. أوضحت الدراسة أن تأثر المفكر ببيئته وأعرافه الاجتماعية والظروف التاريخية المعاشة أمر لا مندوحة عنه، بيد أن ذلك كله لا ينبغي له أن ينازل نصوصاً شرعية مطلقة مفارقة بإطلاقيتها وقدسيتها لكل الظروف وتقلباتها النسبية، فالفيصل في هذه المسألة وغيرها النصوص المطلقة ويبقى التأويل دائراً حول فقه النص وفقه الواقع.
  4. بينت أهمية توظيف التحليل المقارن في الفكر الديني، في المساهمة في حل العديد من الإشكاليات التي قد تنجم في بعض الأحيان عن عدم الإفادة من عثرات الآخر.
  5. أكدت الدراسة على أن الاجتهاد لا يتطرق إلى دائرة النصوص القطعية كنصوص الميراث فهي نصوص قطعية حاكمة مفارقة للظرفية الزمانية والمكانية.
  6. ضرورة العمل على ضبط عملية تأويل النصوص والالتزام بها فإن الحرية في الرأي لا تعني التفلت من الضوابط المعتبرة أو الخروج عليها.

وعلى هذا بات التأويل الجديد لتلك النصوص سبيلاً ممهداً للخروج من دائرة النص المحددة إلى دائرة التأويل الرحبة. ذلك التأويل الذي اتخذ لي أعناق النصوص مدخلاً لتمرير الرؤى المسبقة والأفكار الجاهزة. إن فسح المجال لأمثال تلك التأويلات وتركها دون عملية ضبط ومراجعة ودراسة دقيقة يمكن أن يسوق إلى وضع مماثل لما وقع في مختلف دوائر الفكر الديني من القول بتاريخية النصوص المقدسة ومن ثم إبطالها وإلغائها بناءاً على انتهاء سياقها التاريخي الذي ظهرت فيه. ذلك الأمر الذي يمكن من خلاله تمرير مختلف الظروف الاجتماعية والأعراف البعيدة عن مقاصد الشرع وتعاليمه وتحكيمها في النصوص المطلقة، من خلال إدعاء أن تلك النصوص المقدسة هي في ذاتها نصوص تاريخية محدودة بالسياق الاجتماعي الذي نزلت فيه. وهكذا تصبح الظرفية الزمانية والمكانية حاكمة على النص المطلق المفارق لكل ظرفية قاضية عليه وليس العكس.


قائمة المراجع

القرآن الكريم

  • الكتاب المقدس. ۱۹۳۳ م. العهد القديم والعهد الجديد. لبنان: دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط.
  • الجبوري، أبو اليقظان. ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦م. حكم الميراث في الشريعة الإسلامية. ط ١، بيروت، دار الندوة الجديدة.
  • الجصاص، أحكام القرآن. ١٤٠٥ هـ. تحقيق: محمد الصادق قمحاوي، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
  • الجندي، أنور. بدون تاريخ. من التبعية إلى الأصالة في مجال التعليم واللغة والقانون. مصر: دار الاعتصام.
  • حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون. بيروت: دار الكتب العلمية.
  • الحداد، الطاهر. بلا تاريخ. امرأتنا في الشريعة والمجتمع. تونس: الدار التونسية للنشر.
  • حسين، محمد محمد. ١٤٠٢ هـ - ۱۹۸۲ م. الإسلام والحضارة الغربية. بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ٥.
  • حنفي، حسن. ۱۹۹۳ م. ثنائية الجنس أم ثنائية الفكر. مصر: دار سينا للنشر.
  • دراز، محمد عبد الله. بلا تاريخ. الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان. كويت: دار القلم.
  • الدريني، فتحي. ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م. المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي في التشريع الإسلامي. سوريا: الشركة المتحدة للتوزيع، ط ٢.
  • دياب، محمد أحمد. ۱۹۸۹ م. أضواء على الاستشراق والمستشرقين. القاهرة: دار المنار.
  • الرحيلي، وهبة. ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧م. فقه المواريث في الشريعة. دبي: دار القلم.
  • أبو زيد، نصر حامد. ۱۹۹۲ م. قانون الأحوال الشخصية في تونس بين العلمانية المفترضة وجذور التراث الإسلامي. فصل. كتاب المرأة هاجر (تحرير)، مصر: دار سينا للنشر.
  • الساهي، شوقي. ۱۹۸۸ م. موسوعة أحكام المواريث. دمشق: دار الحكمة.
  • شحرور، محمد. ۱۹۹۰م. الكتاب والقرآن قراءة معاصرة. دمشق: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، ط ١.
  • الشافعي، أحمد محمود. ۱۹۸۳م. الميراث في الشريعة الإسلامية. مصر: مؤسسة الثقافة الجامعية.
  • الشرفي، عبد المجيد. ۱۹۹۱ م. الإسلام والحداثة. تونس: الدار التونسية للنشر، ط ٢.
  • شهبون، عبد الكريم. ۱۹۸۷ م. شرح مدونة الأحوال الشخصية المغربية. الرباط: مكتبة المعارف.
  • الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير. ١٤٠٥ هـ. جامع البيان عن تأويل آي القرآن. بيروت: دار الفكر.
  • عباس، عبد الهادي. ۱۹۸۷ م. المرأة والأسرة في حضارات الشعوب وأنظمتها. دمشق: طلاس للدراسات والترجمة والنشر.
  • العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر. ۱۳۷۹ هـ. فتح الباري شرح صحيح البخاري. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب. بيروت: دار المعرفة.
  • العشماوي، محمد سعيد. ۱۹۸۹ م. معالم الإسلام. القاهرة.
  • أبو العينين، بدران. بلا تاريخ. أحكام التركات والمواريث في الشريعة الإسلامية. مصر: مؤسسة شباب الجامعة.
  • القرضاوي، يوسف. ١٤١٣هـ - ١٩٩٢ م. حوار حول العلاقة بين النص والاجتهاد. حولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية. (العدد العاشر)، ص ٣٦-٤٥.
  • النديم، محمد بن إسحاق أبو الفرج. ۱۳۹۸ هـ. الفهرست. بيروت: دار المعرفة.
  • النووي، محيي الدين بن شرف. بلا تاريخ. شرح صحيح مسلم. بيروت: دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية.

الموسوعات :

  • Britannica Encyclopedia. 1999. Inc, Cd-Rom.
  • The Oxford Encyclopedia of the Modern Islamic World. 1985. Oxford: Esposito, John.

مراجع باللغة الإنكليزية :

  • Caromed, Danise. 1989. Women & world religions. New Jersey: Prentice Hall Inc.
  • Coulson, N. J. 1971. Succession in the Muslim Family. Cambridge: University Press.
  • Janeway, Elezabeth. 1971. Man's world women's place. New York: William Morrow and Company.
  • Sabroskuy, Judith. 1973. From Rationality to Liberation: The Evaluation of Feminist Ideology. London: Greenwood Press.
  • Schacht, Joseph. 1991. An Introduction To Islamic Law. Oxford: Clarendon Press.
  • Schmidt, Alvine J. 1989. Veiled and Silenced. Georgia: Mercer University Press.
  • Serjeant, R. B. 1991. Customary and Shariah Law in Arabian Society. Britain: Galliard printers LTD.
  • Walther, Wiebke. 1993. In Islam women from Medieval To Modern times. New York: Markus Wiener Publishing.
  • Neusner, Jacob. Judaism in Modern Times. Blackwell Publishers, USA. 1995. (Mentioned in footnote 2و, full citation added for clarity)

Footnotes

Footnotes

  1. دكتوراه في الفقه وأصوله أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية / جامعة البحرين لها العديد من البحوث والمقالات والكتب منها أثر العرف في فهم النصوص، أحكام الأسرة بين الإسلام والتقاليد الغربية، تدبر القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق وغيرها. لها العديد من المشاركات في مختلف المؤتمرات والندوات في عدد من الدول العربية والإسلامية وغيرها.

  2. راجع في الميراث عند اليونان والرومان. Britannica Cd. Inheritance and Succession: Historical development. والمراجع العربية التالية - أبو اليقظان الجبوري، حكم الميراث في الشريعة الإسلامية. دار الندوة الجديدة، ط 1، بيروت، ١٤٠٦هـ ١٩٨٦م، ص ١١ وما بعدها. بدران أبو العينين، أحكام التركات والمواريث في الشريعة الإسلامية، مؤسسة شباب الجامعة، مصر، ص ٩ وما بعدها. أحمد محمود الشافعي، الميراث في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الثقافة الجامعية، مصر، ۱۹۸۳ م، ص ٦ وما بعدها.

  3. الكتاب المقدس العهد القديم والعهد الجديد، دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، لبنان، ١٩٣٣م. سفر التثنية: ٢١ / ١٥-١٧.

  4. سفر العدد: ٢٧/ ١-١١.

  5. بدران أبو العينين، مرجع سابق، ص ١٨.

  6. الجصاص، أحكام القرآن، تحقيق محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٤٠٥ هـ، ج ٢، ص ٢.

  7. هذه العبارة نقلها بعض المؤلفين عن أبي جعفر محمد بن حبيب البغدادي (توفي سنة ٢٤٥هـ) له عدة كتب منها المختلف والمؤتلف في أسماء القبائل - انظر ترجمته في حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله (ت ١٠٦٧هـ) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، دار الكتب العلمية، بيروت: ١٤١٣هـ، ج ٢، ص ١٦٣٨. وكذلك محمد بن إسحاق أبو الفرج النديم (ت ٣٨٥هـ) الفهرست، دار المعرفة، بيروت ١٣٩٨هـ - ۱۹۷۸ م، ص ١٥٥. وانظر بدران أبو العينين، مرجع سابق. ما نصه نقل عبارة البغدادي وذكر أن عامر بن جشم أعطى البنت سهماً وللذكر سهمين والظاهر أنه قد سوى بينهما في الميراث وليس الأمر كما نقل عنه المؤلف وأشار فيه إلى موافقة عامر بن جشم لحكم الإسلام فيما بعد، وانظر أحمد محمود الشافعي، مرجع سابق، ص ١٩. وانظر في هذه الرواية أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) - فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، ۱۳۷۹ هـ، ج ۱۲، ص ۱۹.

  8. انظر على سبيل المثال عبد الهادي عباس، المرأة والأسرة في حضارات الشعوب وأنظمتها، طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، ۱۹۸۷م، ج۲، ص ٢١٥. أحمد محمود الشافعي، مرجع سابق، ص ۱۸.

  9. الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج ٢، ص ٢.

  10. سورة النساء، الآية ١١.

  11. سورة النساء، الآية ١١. (الآية المذكورة هي جزء من الآية ١١، وليس ١٢ كما قد يوحي الترقيم في الأصل).

  12. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٥هـ، ج ٤، ص ٢٧٥. وأورده أبو الفداء إسماعيل بن كثير - تفسير القرآن العظيم، مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر، ١٩٦٣ م، ج ١، ص ٤٥١.

  13. الجصاص، مرجع سابق، ج ٢، ص ٨.

  14. سورة النساء، الآية ٧.

  15. للمزيد من التفاصيل حول الميراث في الكتب المعاصرة، راجع: وهبة الزحيلي، فقه المواريث في الشريعة، دار القلم، دبي، ١٤٠٧ هـ - ۱۹۸۷ م. وكذلك شوقي الساهي، موسوعة أحكام المواريث، دار الحكمة، دمشق وبيروت، ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨م، ص ١١-٤٩.

  16. النووي (ت ٦٧٦هـ)، شرح صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بلا تاريخ، ج ١١، ص ٧٩.

  17. تناول عدد من المؤلفين المعاصرين هذه المسألة. انظر على سبيل المثال: يوسف القرضاوي، حوار حول العلاقة بين النص والاجتهاد، ١٤١٣هـ - ١٩٩٢م، حولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية (العدد العاشر)، ص ٣٦.

  18. فتحي الدريني - المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي في التشريع الإسلامي، الشركة المتحدة للتوزيع، سوريا، ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م، الطبعة الثانية، ص ١٦-٢٠.

  19. N. J. Coulson. Succession in the Muslim Family. Cambridge University Press, Cambridge, 1971, P.3. Joseph Schacht, An Introduction To Islamic Law, Ibid. P 62.

  20. محمد عبد الله دراز، الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان، دار القلم، الكويت، ص ۱۰۷.

  21. Britannica Cd, Judaism.

  22. انظر في ذلك كتاب المؤلف اليهودي المعروف Jacob Neusner - الذي أورد فيه تاريخ الحركة الإصلاحية ومبادئها. Jacob Neusner. Judaism in Modern Times, Blackwell Publishers, USA. 1995, P 67.

  23. محمد محمد حسين، الإسلام والحضارة الغربية - مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٢هـ - ١٩٨٢ م، ص ١٤٧ وما بعدها.

  24. R. B. Serjeant. Customary and Shariah Law in Arabian Society. Galliard printers LTD. Britain 1991. P1.

  25. مستشرق يهودي عاش في الفترة الواقعة بين (۱۸۵۰-۱۹۲۱م) تخصص في الدراسات الإسلامية وخاصة العقيدة وأخرج العديد من المؤلفات التي لم تخل من تعصب وتشويه لصورة الإسلام والمسلمين من أبرز مؤلفاته العقيدة والشريعة في الإسلام.

  26. المرجع السابق، ص ٢٠١، نقلاً عن كتاب محمد محمد حسين، مرجع سابق، ص ١٤٧ وما بعدها.

  27. Britannica Cd. Nature and significance of Islamic Law.

  28. The Oxford Encyclopedia of the Modern Islamic World. Vol 4, P323. (Note: The OCR text in the image is slightly different from the typical quote here but refers to the same idea. The given English text is what's in the OCR.)

  29. حسين حنفي، ثنائية الجنس أم ثنائية الفكر، دار سينا للنشر، مصر، ١٩٩٢ م، ص ٤٢.

  30. حسن حنفي، مرجع سابق، ص ٤٥.

  31. انظر كذلك ما كتبه محمد شحرور، في ذات السياق محمد شحرور، الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ط ١، ١٩٩٠ م، ص ٤٠-٤٤.

  32. انظر في تفاصيل ذلك كله، راجع: Wievke Walther, In Islam women from Medieval To Modern time. Markus Wiener Publishing. Princeton & New York, 1993. Alvine J. Schmidt, Veiled and Silenced, Mercer University Press. Georgia 1989, 51-45. Danise Lardner Carmody, Women & world religions. Prentice Hall Inc. New Jersy, 1989, P 174. Judith A. Sabroskuy. From Rationality to Liberation; The Evaluation of Feminist Ideology. Greenwood Press. London 1973. pp 13-19. Elezabeth Janeway, Man's world women's place. William Morrow and Company. New York, 1971, pp 7-26.

  33. Wievke Walther, In Islam women from Medieval To Modern time. Markus Wiener Publishing. Ounceton & New York, 1993. p. ix-x (approximate, as exact page isn't given but content matches introduction).

  34. راجع أقوالهم في الطاهر الحداد، امرأتنا في الشريعة والمجتمع، الدار التونسية للنشر، تونس، بلا تاريخ، ص ٣٩. عبد المجيد الشرفي، الإسلام والحداثة، الدار التونسية للنشر، تونس، ط ١، ١٩٩١م، ص ٢٢٤ وما بعدها. وانظر كذلك: شحرور، مرجع سابق، ص ٦٠٦. نصر أبو زيد، قانون الأحوال الشخصية في تونس بين العلمانية المفترضة وجذور التراث الإسلامي، كتاب المرأة هاجر (تحرير)، دار سينا للنشر، مصر، ١٩٩٢م، ص ٢٦٧.

  35. The Oxford Encyclopedia of the Modern Islamic World. Vol 4, P323.

  36. محمد سعيد العشماوي - معالم الإسلام، القاهرة، ۱۹۸۹ م، ص ١١٢.

  37. نصر أبو زيد - قانون الأحوال الشخصية: مرجع سابق، ص ٢١٧.

  38. انظر ما ذكره محمد أحمد دياب، أضواء على الاستشراق والمستشرقين، دار المنار - القاهرة، ۱۹۸۹م، ص ۱۰۷ وما بعدها حول تلك الكتابات وأصحابها.

ميراث المرأة في الاسلام بين النص والتأويل
تنزيل البحث ←