بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا زلنا في حديثنا عن قضية التعرف إلى الله عز وجل كيف يمكن أن نسير خطوة خطوة نتعرف فيها على الله سبحانه وتعالى من خلال صفاته، من خلال ما علّمنا إياه في كتابه، من خلال أنفسنا من خلال الكون والعالم الذي نعيش فيه، هذا التعرف في غاية الأهمية لملء المحبة التي نريد أن تكون في قلوبنا لله عز وجل.
اليوم سنحاول أن نتعرف على صفة من صفات الله سبحانه وتعالى واضحة في كل شيء صفة التوبة، الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بأنه التواب، والتوبة لا تكون إلا بعد خطأ، قيام الإنسان بخطأ، إرتكاب الواحد منا خطأ معين تقصير معين صدور هفوة منه زلّة مهما كان نوع هذه الزلّة أو هذه العثرة. الله سبحانه وتعالى هو الذي يقبل التوبة عن عباده بمعنى أن توبة الله عز وجل سابقة على توبة الإنسان، الله سبحانه وتعالى هو الذي يريد أن يتوب علينا ولولا إرادة الله سبحانه لما تاب أحد منا بل الأكثر من هذا أن الله سبحانه وتعالى يحب التوابين يحب العبد التائب ولو لم نقع في أخطاء ولو لم نقع في عثرات وفي زلات لكان الله سبحانه وتعالى قد ذهب بنا وجاء بقوم آخرين يخطئون فيستغفرونه ويتوبون إليه فيغفر لهم. هذه محبة الله عز وجل للتوابين. هذه المحبة وهذا الباب المفتوح الذي لا يُغلق أبداً ولا ساعة من ليل أو نهار مهما تعاظمت أو تكاثرت ذنوبنا مهما بلغت ذنوبنا حتى وإن بلغت عنان السماء، حتى لو جئت إلى باب الله عز وجل بذنوب بملء الأرض ذنوباً وخطايا وآثام وتقصير وهفوات حتى لو جئت بكل هذا فإن باب الله عز وجل لا يغلق أمامي أبداً لا يغلق إلا حين تنتهي الفرصة حين يأتي الأجل المحتوم.
هذه التوبة أو هذه المعاني أنا أحتاج أن أستحضرها في حياتي أحتاج أن أستحضرها لكي تبقى العلاقة بيني وبين الله عز وجل علاقة متواصلة علاقة لا تنقطع بأخطائي لا تنقطع بصدور الهفوات مني، علاقة دائماً ربما تكون أشبه ما يمكن أن نشبهها ولله المثل الأعلى بالطفل الصغير. الطفل الصغير تصدر منه تصرفات وتصدر منه حركات لا يقصدها بطبيعة الحال ولكنها أشياء في نهاية الأمر تزعج الأم وتزعج المربي منه كثيراً. ولكن دعونا نتأمل في هذا الطفل ماذا يفعل وكيف يتشبث بثياب أمه لكي تعفو وتصفح عنه ولكي تخبره أنها قد عفت عنه ولكي تخبره بأنه لا يزال في قلبها وأن المحبة لا تزال كما هي، هذه الطفولة براءة الطفولة نحن اليوم كبشر نحتاج إليها في تعاملنا مع الله عز و جل ولله المثل الأعلى.
وهنا الحقيقة يمر بخاطري موقف ذكرته لي إحدى الأخوات ذات يوم، تقول عن نفسها أنها من بلد عربي مسلم بطبيعة الحال تكثر فيه المساجد وتقام فيه الصلوات وتسمع فيه الأذان والإقامة وتلاوة القرآن ولكن كانت بعيدة كل البعد عن كل هذا. كان لها عالمها الخاص الذي تعيش فيه والذي إختارت العيش فيه، الإنشغال بالدنيا وبمتاعها وبأعمالها وبتجارتها وكانت صاحبة أموال وتجارة فانشغلت بها عن الله عز وجل. تقول في يوم من الأيام كنت لا أحب أن أسمع أموراً تتعلق بالدين كان عندي ردة فعل عنيفة لأسباب متعددة ولكن هكذا كان موقفي، في يوم من الأيام تعرضت لشكوى من مرض معين تقول فسارعت بطبيعة الحال إلى السفر إلى الخارج وإلى مكان غير مسلم لأتلقى العلاج وأقوم بعمل الفحوصات. ويشاء الله سبحانه وتعالى التواب أن تبقى هذه المرأة بضعة أشهر فى ذلك المكان. تقول في يوم من الأيام خرجت من المستشفى وأنا في طريقي للخروج من المستشفى إذا بي بمنظر مركز إسلامي أفتتح جديداً أو حديثاً في هذه المنطقة التي أنا فيها. تقول فرأيت الناس يدخلون فلا أدري لماذا ولكن ما شعرت إلا و أنا في داخل المركز الإسلامي وكان الأذان وكانت إقامة الصلاة. تقول بطبيعة الحال تلفت يمنة ويسرة وجدت نفسي لا بد أن أقوم أتوضأ وأصلي، ذهبت إلى مكان الوضوء وكنت قد نسيت منذ الطفولة – أنظر إلى نسيان الإنسان لربه عز وجل! – تقول هي عن نفسها كنت قد نسيت منذ الطفولة كيفية الوضوء فكنت أنظر إلى حتى المسلمات اللواتي دخلن في الإسلام حديثاً من ذلك البلد وأنا المسلمة العربية لا أعرف كيفية الوضوء سوى ذكريات من الطفولة! المهم توضأت ووقفت في الصلاة وكانت تقريباً صلاة المغرب تقول سمعت تلاوة القرآن كذلك من مسلم دخل في الإسلام حديثاً غير عربي ولكن تقول تلاوة آيات القرآن بدأت في أعماق قلبي تصبّ صباً وكانت الآيات عن التوبة. تقول شعرت كأني لأول مرة في حياتي أسمع لهذا القرآن أول مرة أسمع كلام الله، تقول لا أدري ماذا حدث لي؟ الدموع بدأت تنهمر من عيني هكذا هكذا ولا أدري كيف أنهيت الصلاة ولا كيف صليت ولكن بمجرد أن إنتهيت من صلاتي رفعت يدي وبدأت بالدعاء والتوبة والعودة لله عز وجل، تقول شعرت أني قد غُسِلت كأني صُفّيت، إنتهت الصلاة وإنتهى الوقت وإمتد بنا الوقت كثيراً، وتقول خلاص إنتهى الوقت لا بد أن أخرج من المكان، خرجت وكان الوقت متأخراً تقول شعرت بأن قد وجدت نفسي آنذاك بالتوبة بالعودة إلى الله عز وجل. تقول أحسست أن كل الخطايا والآثام والبعد والجفاء الذى كان بيني وبين خالقي مُحي في لحظة مُحي في ثواني، ما الذي محاه؟ التوبة، العودة الصادقة لله عز وجل هي ما نحتاج إليها. نريد أن نكسر الجليد ونحطِّم كل أنواع القيود التي تحول بيننا وبين العودة لخالقنا لحبيبنا الذي يقبلنا بكل أخطائنا بكل عثراتنا بكل ماضينا مهما كان فيه من نقاط سوداء فقط بشرط واحد أن نعود صادقين إليه أن نعود منكسرين بين يديه أن نعود متشبثين بمحبته بفضله برحمته بعطائه. غداً نلقاكم بإذن الله، فى أمان الله
(تفريغ صفحة إسلاميات حصريًا)