بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا زلنا في طريقنا للسير على الطريق الصح إن شاء الله والطريق الصواب في تجاوز العلاقات والشواغل التي يمكن أن تقف بيننا وبين الإنشغال بمحبة الله عز وجل. وقفنا في المرة السابقة عند الخطوة الأولى وقلنا أن علاجي لتعلق قلبي بشخص من الأشخاص أو علاقات الحب المتداولة بين الشباب والشابات يبدأ من قطع التواصل، كل وسائل التواصل بهذا الشخص ينبغي أن أتخذ القرار الجريء بقطعها، هذه العملية عملية ليس بالبسيطة أو بالهينة ستأخذ الكثير من الجهد والبعض من الوقت ولكنها خطوة صحيحة على الطريق الذي نريد أن نسير فيه.
الطريق الثاني أو الخطوة الثانية في العلاج أن نبدأ بالتعرِّف على أنفسنا أكثر فأكثر، بمعنى آخر أن أتقبّل نفسي أن أحبّ نفسي مهما بدر من نفسي من تقصير من أخطاء من زلّات من هفوات من عثرات من عيوب من نقاط سوداء لا قدّر الله عليّ أن أتقبل نفسي كما هي، بمعنى أن أركز على التعرف على نقاط الضعف الموجودة عندي، أبدأ بمصارحة نفسي، لماذا إنسقت في هذا الطريق؟ لماذا صدر مني هذا الخطأ؟ لماذا بدرت مني هذه العثرة أو هذه الزلة؟ وأتقبل الأمر، والتقبل لا يعني أن أستمر في مواصلة السير على ما أنا عليه إطلاقاً، ولكن يعني فقط أن أتعرف على ما أنا فيه وأتقبل الوضع الذي أنا فيه لأجل أن أصحح لأجل أن أعدّل لأجل أن أغيّر.
عندما نتعرف على نقاط الضعف الموجودة عندنا نحتاج أيضاً أن نتعرف على نقاط القوة الموجودة في دواخلنا. نقاط الضعف لماذا هي مهمة؟ لأنها هي التي يدخل لي منها الهوى الذي تكلمنا عنه، لأنها هي التي تدخل منها الخواطر التي تحدثنا عنها، ربما تكون نقطة الضعف التي هي موجودة في داخلي أني أحتاج لشيء من الحنان لشيء من العاطفة لشيء من إبداء الإعجاب أو الرغبة فيّ، هذه النقطة نقطة مهمة لأنها في الأصل هي حاجة ضرورية هي حاجة إنسانية كلنا يحب أن يُحَبّ كلنا يحب أن يشعر بأهميته لشخص ما، بأن شخصاً ما يحبه ويبادله الإحساس أو الشعور أو العاطفة هذا أمر لا غبار عليه. ولكن هذه النقطة لا ينبغي أن تكون مدلفاً أو مدخلاً أو منفذاً للهوى لكي يسيطر عليّ ويتحكم في مشاعري. نعم أنا بحاجة إلى العاطفة نعم أنا بحاجة إلى كلمة إعجاب ولكن السؤال ما هو الثمن الذي سأدفعه مقابل أن أسمع كلمة إعجاب عابرة أو طائشة لا قيمة لها؟! ما هو الثمن الذي سأدفعه لأجل أن أشعر بحنان أو بعاطفة في غير موضعها في غير شكلها الصحيح الذي ينبغي أن يكون؟! أنا كإنسان أنا كبشر رجلاً كان أو إمرأة عليه أن يفكر: الله عز وجل وضع فيه خواطر وضع فيه حاجات وضع فيه أمور يتحكم من خلالها بتلك الحاجات وبتلك الضروريات هذا التحكم ضروري جداً لماذا؟ لكي لا أصبح أسيراً أو منقاداً وراء عواطف أو وراء أهواء تميل بي يمنةً ويسرةً. وهذا ما سنتكلم عنه أن نتعرف على نقاط الضعف ونقاط القوة. في كل الرحلة التى سنسير فيها في التعرف على أنفسنا ومعالجة العواطف المختلجة في نفوسنا، علينا دائماً أن نبحث ونتوخى في أعماق نفوسنا عن الصدق، الصدق مع نفسي بمعنى آخر ألا أضحك على نفسي مطلقاً أن لا أحاول أن أدخل في خداع مع نفسي أن لا أغش نفسي أبداً، أن أنتبه تماماً في جلسات المصارحة مع قلبي لما ينقصني لما أحتاج إليه، ما هو الدافع الذي يدفعني إلى أن أنساق وراء عاطفة معينة؟ وراء أشخاص معينين؟ ما هي الأمور التى يمتلكها هذا الشخص لكي أصبح أسيراً له أو أسلم زمام أموري وخواطري وعواطفي له؟
الصدق مهم، الصدق مهم ليس فقط مع النفس إنما حتى في علاقتي مع الله. تذكرون أننا ذكرنا في اللقاء السابق وقلنا أحتاج إلى دعاء صادق أحتاج للحظة صدق ولتكن هذه اللحظة هي أي لحظة أي ساعة دعاء وأنا ساجدة وأنا واقفة وأنا أصلي وأنا أدعو وأنا أقرأ القرآن وأنا في عملي وأنا في أي مكان أتوجه بصدق لله عز وجل أطلب منه سبحانه أن يخلصني مما أنا فيه بمعنى آخر أول نقطة وأنا أشعر بأني الآن قد بدأت أضع قدمي على الطريق الصحيح وأريد أن أقطع تعلقي بالأشياء وبالأشخاص بمعنى، ليس بمعنى أن أنعزل عن العالم الذي أنا فيه إطلاقاً، ولكن بمعنى أن تبقى الخواطر ويبقى الأشخاص إن كان فعلاً هذا الحب وهذه العلاقة صحيحة في إطارها في حجراتها في حدودها التي لا ينبغي أن تتجاوزها ولا ينبغى أن تحتل فيها كل قلبي وكل إهتماماتي وكل حياتي.
هذا الأمر يحتاج مني إلى صدق مع الله عز وجل صدق في علاقتي مع الله صدق في استمرار الدعاء مع الله سبحانه وتعالى.
أمر آخر مهم يحتاج مني دائماً أن أكون متيقظة بمعنى آخر أن أنام وعيني فعلاً مفتوحة، ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن أنتبه دائماً لحقيقة هذه الدنيا التي أنا فيها، لا تشغلني الدنيا لا تأخذني في متاهاتها وفي دروبها وفي طرقها المتعددة ومشاغلها المتباينة المختلفة لا تأخذني في أوديتها، أكون فعلاً دائماً واضعاً أمام عيني ما حقيقة الدنيا وما حقيقة بقائي على هذه الدنيا، لماذا جئت؟ الهدف الذى لأجله أنا أعيش على هذه الأرض (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) المؤمنون) هل بقائي على هذه الأرض مجرد عبث؟ هل أنا خلقت لأجل فقط أن أولد صغيراً ثم أنمو وأكبر ثم أصل لمرحلة الشباب ثم أبحث عن عمل وأحصل على عمل ووظيفة وأسرة وأولاد وأعيش حياة ثم أموت؟! إن كانت هذه هي الحياة التي أنا قد رسمتها في بالي لنفسي فإذن ما الفائدة من هذه الحياة؟ّ ما وجه الإختلاف لحياتي الإنسانية كبشر عن حياة الكائنات الأخرى المختلفة؟! هناك غرض، هناك غاية، أنا ما جئت على هذه الأرض لأجل اللهو أو اللعب أنا جئت في هذه الدنيا في فترة محددة رحلة محددة مقطوعة الزمن عند الله سبحانه وتعالى (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) الرعد) مطلوب مني أن أنجز مهمة مطلوب مني أن أحقق ذاتي مطلوب مني أن أقوم بأعمال مطلوب مني أن أحقق خدمة لنفسي للمجتمع الذي أعيش فيه أن أترك ورائي أثراً حسناً طيباً في نفوس من حولي في نفوس كل من قد إلتقيت بهم أو تعاملت معهم في رحلة الحياة. السؤال هذه العلاقات التي تحدثنا عنها كم شغلت من وقتي؟ كم أخذت من جهدي؟ كم أخذت من طاقاتي؟ ألم يئن الأوان الآن أن أوجّه البوصلة إلى وجهتها الصحيحة؟! ألم يئن الأوان الآن أن أنتبه إلى توجهاتي وإهتماماتي وأضع فعلاً سلم أولوياتي؟! ما هي أولوياتي؟ ما الذي أريد أن أحققه من خلال هذه العلاقة أو تلك؟ ما الذي أريد أن أحققه في هذه الحياة؟ غداً نكمل بإذن الله، السلام عليكم.