أ.د. رقية طه العلواني
الحلقة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بين أيدينا اليوم سورة عظيمة من سور القرآن الكريم كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بها في المجامع الكبرى، وفي العيدين، وفي خطب الجمعة كذلك؛ ليذكِّر الناس بحقيقة رحلتهم على هذه الأرض، وبالحياة وكم هي قصيرة، بالميعاد وكم هو قريب من الإنسان مهما حاول أن يحيد عنه.
سورة ق المباركة حفظها عدد من الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم أجمعين من فم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب بها في المجامع والأعياد، والنبي عليه الصلاة والسلام بتركيزه على هذه السورة المباركة يؤكِّد أهمية استحضار الإنسان للحقائق العظيمة التي جاءت فيها.
نزلت في مكة، في الفترة ما بين الهجرة إلى الحبشة ورحلة الإسراء، هذه الفترة العصيبة من حياة المسلمين في مكة، الفترة التي شهدت قبلها إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكذلك إسلام حمزةَ رضي الله عنه عمِّ النبي عليه الصلاة والسلام، وفي ذات الوقت شهدت تلوُّنًا وتغيُّرًا في أساليبَ وتعاطي قريش مع دعوة النبي عليه الصلاة والسلام ما بين الترغيب والترهيب، وما بين مطالبة قريش بتسليم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، ومجيئهم إلى عمه أبي طالب بهذا الشأن، ورفض بني هاشم تسليم النبي صلى الله عليه وسلم فما كان من قريش إلا أن اتفقت على مقاطعتهم في شِعب أبي طالب.
هذه الفترة العصيبة من حياة الدعوة في مكة شهدت تذبذباتٍ في مواقف قريش، وشهدت كذلك اضطراباتٍ في تلك المواقف، فمرَّة يأتون إليه يعرضون عليه المال والسؤدد والسيادة، وكلَّ ما يخطر على بال إنسان حين يدعو الناس إلى شيء من متاع الدنيا؛ إذ قالوا له: إن كنت تريد مالًا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن كنت تريد شرفًا سوَّدناك علينا، حتى لا نقطع أمرًا دونك… ماذا تريد؟ وما بين التذبذب في المواقف بالتهديد والترهيب في سبيل إقلاعه صلى الله عليه وسلم عن الدعوة، وبين الترغيب جاءت سورة ق العظيمة تبيِّن ذلك التذبذب، والتردُّد، والحَيرة، والتخبُّط، قال تعالى: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)} التردد ليس في الأساليب والتهم والادعاءات الباطلة التي كانوا يلفقونها للنبي عليه الصلاة والسلام فحسب، وإنما حتى في أساليب تعاطيهم مع دعوته.
هذا التذبذب حكته السورة المباركة (سورة ق)، ولو وقفنا في تدبُّرنا في بداية السورة مع أواخر سورة الحجرات، سنجد أن سورة الحجرات مدنية نزلت بعد سورة ق المكية بسنوات طويلة، ولكنها في ترتيب المصحف قبلها، وسورة ق التي يقول سبحانه في بدايتها {ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)} وسورة الحجرات يقول فيها جلَّ شأنه: { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} ما تعملون يشتمل على ما تقولون من كافة ادعاءات الناس واستنكارهم، واستغرابهم، وتعجب هؤلاء الكفار من قدرة الله على البعث والإحياء بعد الموت.
ثم تدبروا في الآيات الأول من سورة ق إذ قال تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)} وتدبروا في شكل التناسب بينها وبين خواتيم سورة الحجرات {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} فالذي يعلم غيب السموات والأرض عالم جلَّ شأنه بما تنقص الأرض منهم، قال تعالى: { وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)} والله بصير بما تعملون وما تقولون، وما تدَّعون، وما تفعلون، قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} سورة الحجرات. علمه عام شامل، وتفاصيل جوانب ذلك العلم الغيــبيِّ الذي استأثر الله جلَّ شأنه به جاء في مقدمة سورة ق العظيمة التي نزلت قبلها بسنوات.
وقلنا ونقول دومًا إن الإعجاز في ترتيب المصحف على الشكل الذي هو عليه اليوم واضح، ولكن يتضح أكثر حين يكون الترتيب ما بين سورة مدنية وسورة مكية، فإذا بالسورة المدنية تسبق السورة المكية في الترتيب، هذا بالنسبة إلى الترتيب، أما من حيث التناسب في الموضوعات فهو واضح في مفتتح السور وخواتيمها، وما بين السور التي قبلها في الترتيب وبعدها، سواء ما كان من الألفاظ والآيات، أو ما كان من الموضوعات.
سورة الحجرات تحدثت طويلًا عن عمق وانعكاسات الإيمان في المجتمع وفي أخلاق الفرد، وأكَّدت في غير موضع أن مراقبة الله سبحانه وتعالى، وكذلك استشعار الإنسان لمراقبته جلَّ شأنه لكافة شؤونه وأحواله تجدد في نفسه الإيمان، وتجعل من ضمير الإنسان حارسًا على ألفاظه وكلماته وأفعاله، بل وحتى الإشارات التي تصدر عنه.
من هنا وقفت سورة الحجرات طويلًا عند تحريم التجسس، والغيبة، والنميمة، والتنابذ بالألقاب، وعند تحريم السخرية من الناس، هذه كلها جاءت في ذات الإطار، في إطار سورة الحجرات تحت حراسة الضمير. وتدبروا في التناسب الذي جاءت تتمه سورة ق (التي نزلت كما قلنا قبلها بسنوات) قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} يوجد تناسب ونوع من أنواع التكامل والترابط ما بين موضوع سورة الحجرات، والموضوعات التي تطرقت إليها سورة ق العظيمة، لتأتي السورتان في ترابط وتناسب رغم الاختلاف والفارق الزمني الواضحين، وفي التتابع بينهما في ترتيب المصحف.
قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} إذن موضوعات سورة الحجرات التي جاءت بتأسيس الضمير والرقابة الذاتية على الإنسان من داخله على ألفاظه، وأقواله، وحركاته وسكناته، جاءت سورة ق تتمم فيها هذه المعاني، لتبين للإنسان أن كل ما تتلفظ به محفوظ مكتوب في كتاب، وستنشر تلك الكتب. وقد عرضت السورة نماذج من مواقف يوم القيامة وشعور الإنسان حينها، حين ينشر ما في الصحف، وما قد كتبته الملائكة الموكلة به، وأحصته من ألفاظ وأعمال إحصاء دقيقًا.
قال سبحانه في هذه السورة المباركة: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)}، الأمر الآخر ذاك التناسب بين مفتتح سورة ق: {ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)}، وبين أواخر السورة المباركة حيث قال تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ (45)} وما الذي يقولونه؟ ما قاله في أول السورة: { بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)}، وكما قلنا وجاء في أواخر السورة أن العلم هنا بكل ما يقوله هؤلاء من افتراءات، وادعاءات، وأباطيل كاذبة نسجوها حول رسالتك يا أيها النبي، وحول هذا القرآن العظيم المجيد. قال: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)} هذا التناسب العجيب ما بين مفتتح السورة وخواتيمها، وموضوعات السورة تُشعر الإنسان برقابة الله سبحانه على ما يتلفظ به من قول. بمعنى آخر: أن يا كفار قريش كل ما نسجتموه حول هذا الكتاب العظيم المجيد الذي قال وأقسم في بداية السورة المباركة {وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ} مكتوب، محفوظ، وسيُنشر، وستُحاسبون على ما تقولون. والإنسان حين يستشعر ولو لثوانٍ معدودة أن ما يقوله ويتلفَّظ به محاسب عليه، يبدأ يتراجع ويذكِّر نفسه.
والسورة المباركة العظيمة، سورة ق في كل محاورها هي مراجعة للنفس الإنسانية لمواقفها المختلفة. هذا محور السورة وشكل من أشكال التناسب الذي يجعلنا نفهم وندرك لماذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب بهذه السورة المباركة في المجامع الكبرى. العيد هو يوم من الأيام المشهودة التي يتذكَّر فيها الناس ما يمكن أن يُدخل الفرح على قلوبها، وكذلك السرور والغبطة، وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بالناس بسورة ق، لماذا؟ لأجل أن يبقى الإنسان متصلًا بحقيقة وجوده على الأرض.
ما يعتريك من أحوال الفرح والسرور وما شابه لا إشكال فيه، ولكن عليك أن تفهم وأنت في سرورك، وفيما تمرُّ به من مواقف في الدنيا أنك محاسب على كل ما تتلفظ به من قول، وما تقوم به من عمل، وأن رحلتك في الدنيا محدودة قصيرة تنتهي بالموت الذي تحيد عنه.
وهذه التذكرة والموعظة التي تهزُّ وجدان الإنسان، وسمعه، وبصره، وكل وسائل الإدراك فيه تحرر الإنسان من الخوف من الموت. فالخوف من الموت موجود لدى كل البشر، والقرآن مرة بعد مرة يقول للإنسان: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ} من الآية 8/ سورة الجمعة. لماذا يذكِّره بالموت؟ الموت واقع لا محالة، والإنسان العاقل لا ينبغي أن يفرَّ مما هو واقع، ولكن يستعد لملاقاته. وتذكير القرآن المستمر المتواصل وخاصة في سورة ق للإنسان بالموت ليس لأجل أن يبدِّد سروره، أو يؤرِّق مضجعه لا، ولكن لأجل أن يجعله دومًا على أهبة الاستعداد لما هو قادم وآتٍ. وفارق شاسع بين أن يأتيك الامتحان وأنت مستعد له، وبين أن يأتيك فتفاجأ به لأنك لم تعدَّ له العدة، ولكن المؤمن يستعد استعدادًا متواصلًا يؤهله لمواجهة مواقف الحياة، وما تمرُّ به من صعوبات ومن محن.
أمر آخر يستشعره أيضًا المتدبر لهذه السورة المباركة، ذلك حين ينظر في الفترة الصعبة الحرجة التي نزلت فيها هذه السورة المباركة. السورة نزلت والمسلمون في ضعف، ومن جهة أخرى قريش تهددهم ومواقفها مضطربة، هذا الاضطراب الذي وصفه القرآن، وقال: { فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)}لا يعرفون بماذا يتهمون القرآن، فمرة يقولون سحر، ومرة يقولون أساطير، ومرة يقولون كذب وافتراء وإفك ،تذبذب انعكس على طريقة تعاطيهم وتعاملهم مع المسلمين ما بين الشدة والترهيب وضرب الحصار عليهم وبين الترغيب.
وسورة ق المباركة جاءت محمَّلة بتلك المعاني التي تبيِّن تغيُّر وتقلُّب الأحوال، سواء ما كان في الآيات الكونية التي جاءت السورة بوصفها، أو في تذبذب مواقف الأقوام والأمم السابقة، وجاء القرآن يكشف عنها، قال تعالى: {ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1)} لماذا وُصف القرآن بأنه مجيد؟ المجد هو السعة في المكارم الدنيوية والأخروية، وما أعظم ذلك الوصف لهذا الكتاب بأنه مجيد! بمعنى آخر: أنك حين تقرأ القرآن يُفتح عليك من أبواب المجد في الدنيا وفي الآخرة ما لا يمكن أن تتخيله.
وتدبروا معي وصف القرآن بــــ (المجيد) الواسع في مكارمه ومجده، وثمة ترابط بين المفردة (المجيد)، وبين ما جاء في السورة من أمر بتلقِّي هذا القرآن. سورة ق جاء فيها وصف كثير جدًا للقرآن، واحدة منها على سبيل المثال ما جاء في أواخرها إذ قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)}، ثم جاء بعد ذلك بالحديث عن دور القرآن العظيم حين يعلِّمك، ويبصِّرك، ولذلك جاء في أواخر السورة بقوله: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}. وكل هذه الآيات فيها تذكرة، وذكِّر بالقرآن الذي وُصف في بداية السورة بأنه المجيد وأقسم به جلَّ شأنه.
وواحدة من أعظم أوجه التناسب ما بين وصف القرآن بالمجيد والقسم به، وما بين قول الله جل شأنه في أواخر السورة: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} أنك كلما اقتربت كفرد من هذا القرآن العظيم فتح لك من أبواب المجد الدنيوية والأخروية ما يسرُّ به قلبَك، ومعنى آخر في التناسب: القوم الذين يذكِّرون بالقرآن الكريم ويكون لهم صلة وطيدة بهذا القرآن يزداد مجدهم.
وتدبروا في الربط بين تلك الصفة العظيمة للقرآن بـــــ (المجيد) وبين قول الله جل شأنه: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}، وكذلك النهي عنه {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)} هؤلاء قوم لا يريدون مجدًا، ما الذي يصنع المجد الحقيقي في حياة الأمم والشعوب؟ إنه القرآن.
وثمة تناسب آخر: أن الله سبحانه جل شأنه في هذه السورة المباركة ذكر أقوامًا كان لهم مجد دنيويٌّ، عزٌّ، شأن، ذكر، فقال: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)} ذكر أقوامًا لهم مجد، ولكن ماذا حصل لذلك المجد؟ انهار.
بمعنى آخر وبمفهوم الموافقة والمخالفة، من أراد أن يبني له مجدًا تليدًا حقيقيًا لابد أن يكون منهجه الذي يسير عليه مع الرسل منهج التصديق وليس التكذيب، وهذا القرآن قرآن مجيد. إذا أردت مجدًا حقيقيًا فعليك بالقرآن، وإذا أردت أن تحافظ على مجدك فعليك بالقرآن، وإن أردت أن تحمي مجدك من الفناء والزوال والهلاك فعليك بالتزام منهج الله سبحانه وتعالى، هذا القرآن العظيم بهذه السورة وبهذه البداية المحمَّلة بالمعاني والمفردات العظيمة جاء ليفتح الأسماع والقلوب.
سورة ق تسمَّى بهذا لافتتاحها بالحرف (ق) الذي لو تتبعناه في السورة بأكملها لوجدنا أنه قد ذكر في أكثر من خمسين موضعًا في السورة المباركة. كل السورة محملة بهذا الحرف العظيم. حرف (ق) حرف قوي فيه الجهر، فيه الاستعلاء، فيه شدة فجاء متناسبًا تمامًا مع المفردات التي جاء ذكرها في هذه السورة المباركة (سورة ق).