قلبي مشغول بمن: الحلقة السابعة

بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وقفنا في اللقاء السابق عند خطوة التعرف على أنفسنا، تكلمنا عن نقاط الضعف التي ينبغي أن أقوم بإصلاحها، عن نقاط القوة التي أحتاج أن أنميها في نفسي، عن تقبلي لنفسي ولذاتي كما هي ليس بمعنى أن لا أصحح أو لا أغيّر، إطلاقاً، ولكن بمعنى أن أتقبل صدور الخطأ أو الهفوة من هذه النفس وأتقبل فكرة أن أصحح وأن أغيّر وأن أعدّل مهما بدر مني من هفوات أو أخطاء.

اليوم نسير نحو الخطوة الثانية، الخطوة الثانية مهمة، الخطوة الثانية هي التعارف. نحن كما نعلم عندما تحدثنا في أول لقاء لنا عن علاقات الحب بين الشباب والشابات قلنا هناك تعارف، هذا التعارف قد يحدث من نظرة قد يحدث من لقاء من دردشة من أي شيء المهم أن يكون هناك تعارف، لا يمكن أن أقع في حب إنسان لا أعرفه. اليوم سنتحدث عن التعارف ليس بيني وبين أشخاص لأني أريد أن أعالج هذه القضية، أنا الآن أريد أن أملأ القلب أريد أن أملأ المساحات الفارغة الخاوية الموجودة في قلبي، سأتعرف على من؟ على الله سبحانه وتعالى. أكيد البعض منا يستغرب من هذه القضية كيف أتعرف على الله وأنا أعرفه حق المعرفة؟! وأنا أقول لو كنا نعرف الله عز وجل حق المعرفة لما وقعنا في الإنشغال بأشخاص آخرين، لما وقعنا في الإنشغال عنه سبحانه بمن سواه، هناك خلل في هذه المعرفة، هناك قصور في التعارف بيننا وبين الله عز و جل.

السؤال المباشر الذي يطرح نفسه كيف أتعرّف على الله؟ كيف يمكن أن أقترب من الله عز وجل؟ كيف أستطيع أن نتعرف نحن ما نريد أن نقوم به سوية أن نتعرف على الله المعرفة التي تجعلني بالفعل أحبه وأنشغل به ويشغل خاطري ويسرح ذهني به سبحانه عمن سواه. هذا النوع من المعرفة أو التعارف بيني وبين الله أحتاج فيه إلى وسائل أحتاج فيه إلى أدوات. أول وسيلة أو أداة أن أتعرف على الله سبحانه وتعالى من خلال ما أراه، يعني من خلال نفسي، النظر في نفسي أنا. من خلال النظر في الكون الذي أعيش فيه، من خلال النظر في الواقع الذي أحيا فيه، من خلال التأمل في صفاته وأسمائه التي أوردها هو سبحانه عن نفسه. الله سبحانه وتعالى لم يتركنا في الدنيا هكذا دون أن يعرّفنا به هو عرّفنا بنفسه فقال (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الفاتحة) عرفنا بصفاته، تعرفنا إليه عن طريق صفاته وأسمائه صحيح بعلمنا المحدود بمحدودية ونسبية الأفكار التي تحكمنا كبشر لا نستطيع أن نحيط بهذه الأسماء أو الصفات ولكن قطعاً نستطيع أن نبدأ بتفهم شيء من هذه الصفات شيء يمكنني من أن أحب الله عز وجل، يعني عندما أقول على سبيل المثال الرحمن الرحيم كيف أتعرف على هذه الرحمة؟ كيف أتعرف على رحمة الله حتى أحب الله عز وجل؟ نظرة وتأمل بعيداً عن السطحية والفتور الذي يملأ حياتنا وواقعنا نظرة بسيطة جداً إلى لمحات الرحمة في خلق الله سبحانه وتعالى ليس في الكائنات من حولنا في أنفسنا نحن في أجسادنا في كيفية عمل هذا الجسد القضية ليست قضية طبية أو قضية فسيولوجية أبداً. دعوني أشارككم في قصة أو واقعة قصة واقعية حدثت مع أحد الشباب الذين يعملون في قضية الإسعاف المسعفين يقول ذات يوم جاءني النداء لإسعاف أشخاص تعرضوا لحادث سيارة يقول ذهبت إلى موقع الحادث فوجدت شخصاً الشخص هذا شاب الدماء تسيل على وجهه بسبب الحادث يقول ولكن رأيت شيئاً عجيباً يقول رأيته محاطاً إحاطة شبه كاملة حمته وحمت الرأس منطقة الرأس ومنطقة الوجه عن طريق كما تعلمون (الإيرباجز) المستعملة في السيارات أكياس الهواء هذه للحماية في السيارات يقول فاستغربت تعجبت يقول بدأت أقترب منه طبعاً من أجل أن أبدأ بعملية سحب الشاب من السيارة يقول فإذا برائحة الخمر تفوح من فمه يقول فتراجعت للخلف ثم بعد ذلك بحكم العمل لا بد أن أقوم بعملية الإسعاف وأسعفنا الشخص ونقلناه إلى المستشفى ولكن لا أدري لماذا خالجني شعور بأني لا بد أن أخبر هذا الشاب بعد أن يفيق من الغيبوبة التي هو فيها أخبره بما حدث، يقول وبالفعل بعد يوم أو يومين سألت عن أحواله وقمت بزيارته في المستشفى يقول عرّفته بنفسي ثم قلت له ما أخبارك أوضاعك حياتك؟ يقول فاستغرب السؤال لأنه ليس هناك أصلاً سابق معرفة بيني وبينه، يقول ثم قلت له يافلان إتق الله في نفسك، يقول فانزعج وقال له من أنت؟ أنت داعية أم ماذا؟ يقول فبادرته بالقول والله لست بداعية ولا بأي شيء آخر مما يخطر ببالك ولكني شخص هزني منظرك وأنا أنظر إليك قال كيف قال أنا رأيتك بالصورة التي حماك بها الله عز وجل وحمى بها رأسك على الرغم من أن ذاك الرأس قد كان مخموراً بمعصية الله عز وجل، يقول فعلاً بمجرد أن قلت هذه الكلمة بدأت الدموع تنساب من عيني الشاب، ما أريد أن أقوله هنا أننا لحد الآن لحد هذه اللحظة كلنا نشترك في هذا قد نختلف بشيء من القلة أو بشيء من الكثرة ولكن كلنا نقع في خطيئة أننا لم نتعرف على الله بعد المعرفة التي فعلاً تمكِّن أن يتجذر حب الله عز و جل في قلبي أن ينشغل به عمن سواه أتعرف إلى رحمته كما في الموقف الذى ذكرنا أنا كم مرة قد نمت على سبيل المثال على ذكر أحد من البشر أو ذكر شيء من الأشياء بعيداً عن ذكر الله سبحانه وتعالى؟ كم مرة غفلت عنه كم مرة فرطت في جنبه؟ كم مرة قصرت في واجب من واجباته قد أمرني بها وكيف هو تعامله معي؟ كيف هو إحسانه لي؟ كيف هي نعمه عليّ؟ كيف هي رحمته بي؟ كما قد ذكرنا في الموقف الذي حصل أنا قد أنام على معصية، أنا على معصية أنا أعصي الله عز و جل ولكن حتى في أثناء تلك المعصية رحمته لا تفارقني لا تنفك عني أبداً. هذا الإله العظيم سبحانه بهذه الرحمة بهذا الإحسان غير المنقطع المتواصل ألا يستحق منا أن أجذّر حبه في قلبي؟ ألا يستحق مني أن أتحبب إليه وهو سبحانه غني عني أنا عبد أنا فقير أنا بحاجة لحبه أنا بحاجة لرحمته ولكن في نفس الوقت على الرغم من هذه الحاجة أنا بغفلتي أبتعد شيئاً فشيئاً عن محبة الله. غداً نكمل بإذن الله، السلام عليكم ورحمة الله .

تفريغ موقع اسلاميات حصرياً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *