بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بألف خير.
أطلت علينا ليلة العيد ولذا فهذه الحلقة من “قلبي مشغول بمن؟” هي حلقة خاصة خاصة بالزمن الذي نعيش فيه إنتهى شهر الصيام إنتهى شهر رمضان ورحل عنا بكل ما كان فيه من ذنوب نتمنى أن قد غفرها الله عز وجل ومن أيام وليالٍ عشنا فيها روحانيات شهر الصيام وتعلمنا فيها نماذج من محبة الله عز وجل وكيف تنسكب في قلوبنا. تعلمنا من خلال كتاب الله ما معنى أن أعيش بحب الله سبحانه وتعالى؟ ما معنى أن تبدأ الحجرات الشاغرة في قلبي أو التي كانت منشغلة بآخرين تبدأ بالإنشغال بمن يستحق أن أشتغل به بمن يستحق أن أنشغل بذكره سبحانه. تعلمنا في ذلك الشهر الكثير الكثير وبات علينا الليلة ونحن نودِّع الشهر الكريم آملين أن يعيده الله سبحانه علينا جميعاً بالخير واليمن والبركة وأن يتقبله منا نبدأ به صفحة جديدة.
العيد ليس نهاية لشهر رمضان وشهر الطاعات فيه بمعنى إنتهت علاقتي بكل الطاعات التي كانت في ذلك الشهر. العيد ليس نهاية لشهر، العيد هو البداية الفعلية والتجربة الحقيقية لإمتحان أنا عشته وتدربت عليه وتدربت على تقديم أجوبته خلال شهر كامل هو شهر رمضان. العيد هو الميدان الحقيقي الذي سأجرّب فيه محبتي الصادقة لله سبحانه وتعالى بعد إنقضاء الشهر. كيف ستكون علاقتي بالله سبحانه وتعالى؟ هل بمجرد أن تطوى ليالي الشهر الكريم سأعود لما كنت عليه قبل من الإنشغال بالأشياء المختلفة وبالناس من حولي وأنسى ما كنت عليه من علاقة وطيدة ومناجاة بالليل والنهار للخالق سبحانه؟ أهكذا يكون هو الحب الحقيقي؟ الحب الصادق؟ حب يتغير بالأيام! حب موسمي! حب يتبدل على حسب الأيام والأوقات والأزمنة؟! علاقتي بالله ومحبتنا لله عز وجل نحتاج أن نغيّر من مفاهيمها نحتاج أن نجعلها علاقة دائمة علاقة نعم في مواسم الخير والطاعات وما أكثرها وفي المواسم التى إختصها الله عز وجل بفضائل معينة لا شك عليّ أن أغتنمها ولكن ذلك لا يعني أن علاقتي في بقية الأزمنة والأيام والعمر تكون علاقة سطحية أو علاقة محدودة.
غداً سيأتي العيد إن شاء الله بكل أفراحه وبكل لقاءات الأهل والمعارف والأقارب والجيران والأحبة وهي سنة من سنن هذا الدين العظيم أن نظهر الإحتفال به ولكن يا ترى هل إحتفالي بهذا العيد سيكون كما كنت في السابق قبل أن أتعلم كيف أشغل قلبي بالله عز وجل؟ هل إنشغالي بما أنا فيه من التهاني والتبريكات والزيارات والخروج والرحلات والنزهة والفرح هل سيلهيني عن ذكر الله عز وجل؟ كيف يمكن أن أعيش في عبادة حتى وأنا أمارس يوميات العيد والسعادة التي سأظهرها في العيد؟ عليّ أول ما أبدأ وقبل أن أبدأ بأيام العيد وفرحة العيد عليّ أن أبيّت النية عليّ أن أنوي أن تكون كل أنشطتي التي سأقوم بها وزياراتي في العيد وخروجي ودخولي في أي مكان إنما هو لخالقي، عليّ أن أذكر الله عز وجل وأنشغل به حتى وأنا وسط جمع من الناس. جموع الناس المكتظة في العيد في الأماكن المختلفة لا يمكن لها أن تغيّر من طريقة إنشغالي بالله عز وجل، لا يمكن أن يكون الحب الحقيقي الذي بدأت بالفعل ببنائه في أثناء ليالي وشهر الصوم الذي فات وانقضى لا يمكن أن ينتهي بمجرد ساعات إنقضت وإنتهت عليّ أن أبدأ بالممارسة الفعلية للتدريب الذي قمت بالتدرب عليه. عليّ أن أبدأ بجد وإجتهاد أن أعيد دائماً النظر في كيفية تعاملي مع الوقائع والأحداث التي تكون من حولي أن لا تأخذ حيزاً كبيراً من تفكيري ومن خواطري ومن إهتماماتي فتأخذني بعيداً عن الله سبحانه وتعالى. هموم الدنيا أفراحها أتراحها -لا قدّر الله- مشاغلها الكثيرة أو المتعددة عليّ دائماً أن أحاول وأجاهد نفسي جهاداً شديداً لأن المسألة فيها مجاهدة ومصابرة للنفس، عليها دائماً أن تبقى ضمن الحيز الذي لا ينبغي أن تتجاوزه.
(تفريغ صفحة إسلاميات حصريًا)