بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توقفنا في اللقاء السابق عند نقطة مهمة، نقطة ساخنة. توقفنا عند الحب بين جموع الشباب والشابات في هذه الأيام. توقفنا عند تحليل منطق الحب تحليلاً منطقياً لكي نصل منه إلى نتيجة هل يستحق بالفعل أن نشغل القلوب ونشغل المساحات الكبيرة في قلوبنا به؟! ذكرنا أن هناك محبة لا بد أن توضع في إطارها الصحيح كمحبة الأولاد، كمحبة الأم، كمحبة الأسرة إلى آخره. وذكرنا كذلك الحب الذي يقع بين الشبان والشابات. الحب في البداية لا يمكن أن يحدث أو هذه العاطفة التي تؤجج فيما بعد لا يمكن أن تحدث من خلال بداية صحيحة أبداً. غالباً ما تحدث ببداية غير صحيحة بداية خطأ، نقطة خطأ، نقطة واحدة، نقطة سوداء. ربما تزداد مع الأيام ، كلما ازدادت تلك النقاط يزداد هذا الإحساس وهذه العاطفة تجذراً وتربعاً في قلوبنا، ربما تكون البداية نظرة غير صحيحة نظرة نهى الله عز وجل عنها لأنه يعلم ما في قلوب هؤلاء الناس يعلم بقلوبنا يعلم ما يصلح لقلوبنا وما لا يصلح ولذا قال ربي عز وجل (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ (30) النور) ثم قال في آية أخرى (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ (31) النور) لماذا هذا الفصل في النداءين؟ لماذا النداء الأول وُجِّه للشباب والنداء الثانى وُجِّه للفتيات؟ لماذا هذين النداءين؟ لأن الله عز وجل خلقنا ويعلم ما في نفوسنا يعلم ما هو الأثر الذي سيترتب على تلك النظرة الخاطئة. ودعونا في البداية نعرِّف النظرة، النظرة الخاطئة أو غير الصحيحة هي نظرة غير مناسبة بشكل غير مناسب لشخص غير مناسب وفي وقت غير مناسب. هذه النظرة هي التي نهى الله عز وجل عنها في تلك المواضع التي ذكرناها في سورة النور، هذه النظرة بينها وبين القلب منفذ بمعنى آخر أن العين كوسيلة للنظر والإلتقاط بينها وبين القلب طريق منفذ، العين توصل إلى القلب بشكل مباشر تماماً .
هذه النظرة غير الصحيحة عندما تبدأ وتنفذ إلى القلب سميت أو عرفت بأنها سهم مسموم من سهام إبليس يصل إلى القلب مباشرة يورثه الإنكسار ينقاد القلب بسهولة إلى هذه النظرة ويبدأ في العيش في عالم قد نسج من الخيال، كيف؟ أحياناً حين تقع هذه النظرة وخاصة حين تتكرر النظرات وتليها في مرحلة أخرى ربما إبتسامة ربما كلمات ربما لقاءات ربما ربما عشرات الأشياء المختلفة فالأمر يبدأ بخطوة ولكنه يستمر في خطوات ولذا الله عز وجل يقول في آية (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ (208) البقرة) الأمر لا يصل مباشرة إلى الحرام الحرام الممنوع المتمثل في الجرائم التي نعرفها ونهى الشارع عنها ولكن الأمر يبدأ بخطوات. فالخطوة الأولى قد تكون مجرد نظرة ولكنها تؤدي إلى خطوات أخرى فهي مجرد خطوة في الطريق. هذه الخطوة الأولى الإشكالية فيها أنها تبدأ بصنع عالم من الخواطر عالم من الأفكار يبدأ الشاب أو الشابة يصنع عالماً يختلف عن العالم والواقع الذي يعيش فيه فعلى سبيل المثال الشابة تبدأ بتخيل وبنسج الخيال بأن هذه النظرة هي نظرة إعجاب وأن هذه النظرة لها وراءها وأن هذه النظرة تشي بمشاعر وتشي بكذا وكذا خاصة إذا صاحب وسار وراء هذه النظرة كلمات وربما دردشة وربما أحاديث وربما إبتسامات وربما وربما في نهاية الأمر تصل هذه النظرة إلى مرحلة العالم الجديد عالم الخواطر. تبدأ الخواطر والأفكار بالإنحراف عند الشخص ويبدأ الشخص بالعيش في عالم آخر يتمنى فيه البقاء مع هذا الشخص الذي نسج الخيال حوله، الذي أصبح في مخيلة الشابة أو الفتاة هذه كأنه قد جاء من عالم آخر لا يمت إلى عالم البشر بصلة نجد فيه كل الصفات المحببة والمحبوبة للنفس نجد فيه كل ما نتمنى أن نجده في نفوسنا أو في نفوس الآخرين شيء صنعناه نسجناه من الخيال. وهكذا تبدأ الخواطر تزداد شيئاً فشيئاً وتتغلغل في القلب وتبدأ بالتجذّر. أحياناً ليس بالضرورة أن يبدأ الأمر بنظرة خاصة مع التقنيات التي نعيش فيها في عصرنا الحالي ربما يأتي من خلال الدردشة أو الشات أوالفيس بوك أو أو، أي وسيلة أخرى فالفتاة لا ترى هذا الشخص والشخص لا يراها ولكن حدثت الخاطرة وحدث التعلق وحدث الإنشغال وحدث العيش قى عالم آخر يختلف عن عالم الواقع الذي نعيش فيه عالم جديد عالم يُخيّل إلى الإنسان أنه في أنس أنه في راحة أنه في سعادة تتخيل الشابة أنها أصبجت طائراً من الطيور يطير ويحلق في الفضاء بجناحيه ولكن في الحقيقة هذا العالم الوهمي هو عالم من صنع الخيال عالم أشبه ما يمكن أن نقترب فيه من الشبه بالعالم الذي يهيأ للمدمن على المخدر الشخص الذي يدمن علي المخدر يخيل إليه أنه يعيش في عالم وردي عاجي يحلق في الفضاء أنه بطل مغوار أنه أنه أنه ، ولكنه في نهاية الأمر عالم وهمي عالم صنعه هو يقتل نفسه بنفسه لأجل البقاء في هذا العالم الوهمي. لا يختلف الأمر كثيراً حين تقع الفتاة على وجه التحديد أو الشاب في هذا الفخ في العالم الوهمي الذي صنعته الخواطر صنعته نظرات صنعته أشياء مخالفة لما أمر الله به عز وجل. ولماذا نقول مخالفة؟ لأن الأمر ليس قضية حلال وحرام فقط رب العالمين هو خلقنا وكأيّ خالق أو صانع لشيء هوأعلم بما يصلح لهذا الشيء نحن اليوم حتى إذا اشترينا شيئاً بسيطاً ربما يكون حتى قميصاً أو شيئاً نرتديه شيء بسيط جداً ننظر إلى التعليمات والإرشادات كيفية إستعمال هذا الشيء وأحياناً كثيرة أقرأها بحذر لأنها تبين لي ما ينبغي أن أفعل أو لا أفعل، كيف بنا ونحن البشر ولله المثل الأعلى؟ الله عز وجل خلقنا بيّن لنا ما ينفع وما لا ينفع بيّن لنا الأضرار المتوقعة بيّن لي ما يمكن أن أقوم به في هذا الشيء حين لا أتوقف عند هذه التعليمات، قطعاً سأقع في محاذير. واحد من أهم هذه المحاذير هي التي نريد أن نتكلم عنها ونريد أن نصارح قلوبنا ونريد أن نضع أيدينا على أماكن الداء في قلوبنا .غداً نكمل الكلام بإذن الله، في أمان الله .
تفريغ موقع اسلاميات حصرياً