الحلقة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بين أيدينا سورة عظيمة من سور القرآن الكريم،وهي من أوائل السور التي نزلت،عند أغلب العلماء،في مكةعلى الحبيب (صلى الله عليه وآله وسلم)،وورد عن أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنها) في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده حيث يؤكد أنها قد سمعت من النبيّ (صلى الله عليه وسلم) أيات هذه السورة المباركة قبل أن يصدع بما يؤمر،ولاحقًا سيتم تناول هذه الجزئية ضمن الحديث عن الأجواء التي نزلت فيها السورة،السورة التي خاطب فيها الله (جل شأنه) الثقلين (الإنس والجن) خطابًا واضحًا مؤكدًا الرسالة والغاية التي لأجلها خُلِقَ الثقلان. السورة تميزت بأمور تختلف عن كل سور القرآن،وكما ذكرنا أن كل سورة لها ما يميزها من أوصاف خاصة بها عن غيرها من السور، وهذا يتماشى تمامًا مع المقاصد التي تأتي بها تبني شيئًا أساسيًا في شخصية الإنسان الخليفة،في علاقته مع الكون،مع الطبيعة، وعلاقته بالحياة،بالمجتمع،تزوِّد الإنسان بما يجب أن يحتاط إليه في سيره على هذه الأرض،والسورة المباركة الوحيدة في كتاب الله التي جاءت تحمل اسمًا من أسماء الله الحسنى ألا وهو الرحمن،وفي أكثر من ثلاثين موضعًا جاءت تؤكد بشكل فريد من نوعه دون غيرها من السور في الأية الكريمة {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} بالإضافة إلى العديد من المزايا والأوصاف التي سنقف ونأتي عليها وعلى ذكرها وكل ذلك يصب في مقاصد هذه السورة.وكما ذكرنامن قبل في قواعد التدبر الأخذ في الاعتبار الأجواء التي نزلت فيها السورة لنستحضر ونتبصر في هذه الأجواء.وكما أشرنا في الحديث الوارد في مسند الإمام أحمد أن السورة نزلت قبل أن يجهر النبيّ (صلى الله عليه وسلم) بالدعوة ويصدع بما يؤمر،نزلت في مكة كما ذكرنا عند جمهور الصحابة والتابعين،فكيف كانت الأجواء؟ نبينا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل عليه الوحي بهذه الأيات العظيمة،وبدأ يحمل هم الرسالة المباركة،هو يدرك تمامًا (عليه الصلاة والسلام) أن قريشًا لن تستقبل هذه الرسالة العظيمة بالحفاوة والتكريم،ولا بالإقبال عليها أو الاستجابة لها بالرغم من أن الرسالة عظيمة والنبيّ (صلى الله عليه وسلم) له في قريش مكانة عظيمة.هذه الأجواء كلها كانت في قلبه (عليه الصلاة والسلام)،كل هذه الأفكار والخواطر كانت في نفسه،ولكن لا يخرجه ذلك مطلقًا عن إيصاله لهذه الرسالة،وقيامه بتبليغها وهذه الأيات المباركة،وفي هذا الصدد كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعو أصحابه،ويدعو بهذه الأيات التي جاءت تؤكد معنى ومفهوم الإيمان بالله ووحدانيته،الإيمان بقدرته وعجائبها وبلطفه،ونعم الله (سبحانه وتعالى) على خلقه وعباده،وتعريفهم بصفاته (جل شأنه)،فالقرآن العظيم في عدد كبير من الأيات،ليس فقط المكية وإنما حتى المدنية،يُعرِّف ذاته الشريفة، ذات الله (سبحانه وتعالى) العليَّة لخلقه من خلال صفاته وأسماءه والتعريف بآلاءه،والتعريف بما أنعم به على عباده،وبأيات خلقه في الكون والطبيعة والإنسان،واستحضار كل هذه المعاني أمام القارىء،حتى يتعرَّف الإنسان وهو يقرأ هذا الكتاب العظيم الذي جاء بسلسلة من التكاليف والأوامر الربانية من يعبد،ومن هذا الذي سبحانه يأمر وينبغي أن يطاع،ومن هذا الذي ينهي ويحرِّم على عباده ما يحرِّم،وينهاهم عما ينهاهم عنه،وبطبيعة الحال هذا من أول الأمور والأشياء التي يحتكم العقل الإنساني إليها،والإنسان كلما عظم في نفسه من قد أرسل،ومن قد كلَّفه بما كلفه عظُم التكليف في ذاته ونفسه،وقويت الاستجابة لذلك التكليف والقيام به في نفسه، ولله المثل الأعلى،هذه السورة المباركة جاءت تعرِّف الخلق بالرحمن سبحانه (جل شأنه)،السورة التي نزلت قبل سورة الحجر التي هي من أوائل ما نزل،والتي جاء كذلك في بعض أياتها ونصوصها الأمر بالجهر بهذه الرسالة التي نحن نعلم أن رسالة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مرت بمراحل،المرحلة الأولى فيها كانت سريَّة وفيها كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يُسِر بالرسالة إلى المقربين منه،وبالرغم من تنزُّل أيات القرآن ولكنه ما كان يعلنها،هو يمشي وفق ماأمر الله أن يمشي وفقه،ثم جاء الصدع بمايؤمر في تلك الأجواء،الأجواء التي سبق التحدث عنها ونزلت فيها هذه السورة المباركة لتقوي وتعطي لذلك المنعطف في مسيرة رسالة القرآن ورسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أجواء عظيمة تعزز من هذه الرسالة وتوضح قيمتها للإنسان،رسالة لا تخاطب فقط قريش وإنما من قريش إلى العالم،ومن هذا الكتاب الذي نزل على النبيّ للعالم وللإنسانية عبر تاريخها المتواصل المستمر.ولكن قبل الاسترسال في تفاصيل ومزايا هذه السورة المباركة دعونا ننظر إلى شيء من أوجه التناسب بين بدايات السورة وخواتيم السورة التي جاءت قبلها والتي في ختامها قال (جل شأنه):{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54)فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ(55)}(1) وإذابسورة الرحمن تفتتح بقوله (جل شأنه): {ٱلرَّحۡمَٰنُ (1)عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ (2)}تدبروا في الترابط،من هذا المليك المقتدر؟ هو سبحانه القادر على عباده،وهذا واضح كما ذكر في أواخر سورة القمر كما أوضحنا في قوله:{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَآ أَشۡيَاعَكُمۡ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٍ (51)وَكُلُّ شَيۡءٍ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسۡتَطَرٌ (53)} فمن هذا الذي له هذه القدرة؟ من هذا الذي هو قادر على عباده وعلى تسطير وحفظ وإحصاء وعد كل ما فعلوه من صغير أو كبير وسطره عليهم؟ من هذا الرب المليك المقتدر القادر على أن يهلك الظالمين بظلمهم ويجازي المحسنين بإحسانهم في جنات ونهر؟من هذا المليك المقتدر المطلع على قلوب المؤمنين من تقوى فجزاهم بتقواهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر؟ ولابد أن نستحضر في هذا السياق أن هاتين الصفتين (الملك والقدرة) والتي لا تضاهيهما أي صفة من صفات المخلوقين على الإطلاق،فصحيح في الدنيا ملوك،وصحيح في الدنيا أقوياء،وصحيح في الدنيا من ملَّكَهم الله مِن مَن لهم مقاليد السلطة والقوة والحكم والأمر والنهي في بعض الأمور المتعلقة بالبلاد والعباد،صحيح ولكن كل ذلك ذكرنا في السابق على سبيل التجوُّز،أما الملك والقدرة التي عند الخالق (جل شأنه) فهذه لا شيء يضاهيها على الإطلاق أبدًا،ولكن حين يقول الإنسان ويستحضر الملك والقدرة غالبًا ما تأتي إلى ذهنه صفات معينة مثل صفات الجبروت،صفات التحكم،السيطرة،هذه الصفات التي توجد في قلب الإنسان وهو يستحضرها حين يتحدث عن الملك والقدرة إلى الخوف الشديد من ذلك الذي قد ملَّكه الله (جل شأنه) من شئون العباد والبلاد ما ملَّكه،فحين يقال أن فلان ملك قوي مسيطر أو حتى من المسئولين في إدارات أو مؤسسات مثل:فلان قوي الشخصية لا يقبل بكذا،الناس بطبيعتها تبدأ تتولد في داخلهم،وفي خاطرهم مخاوف مبنية على هذه الصفات التي عُرِف بها هذا أو ذاك من البشر،ولله المثل الأعلى،تدبروا في الربط بعد قوله(جل شأنه)في نهاية السورة-كما ذكرنا منذ قليل-{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55)} ذكر أعظم وأول صفة في السورة التي تليها،سورة الرحمن فقال:{ٱلرَّحۡمَٰنُ (1)} بمعنى أخر:مليك مقتدر ولكنه رحمن،ولكن لماذا يذكرنا ربي (جل شأنه) بالرحمن وهو القادر على كل شيء قدير،وهو الذي بيده مقاليد الأمور،وهوالذي خضع كل شيء لحكمته ولقدرته وإرادته سبحانه؟ ولماذاجاءت هذه السورة المباركة (الرحمن) وفي ذلك التوقيت في النزول؟لماذا كل هذه المعاني التي نحتاج أن نستحضرهاونحن نتدبر في بدايات سورة الرحمن؟ حتى نفهم أن الملك الذي تعبده،المليك الذي يملك كل شيء،المقتدر الذي لا شيء يعجزه في الأرض ولا في السماء،غلبت رحمته على قدرته،وعلى ملكه،وعلى عدله،فالرحمة أينما ذهبت وروحت وجدتها في كل ما يحيط بك وفيك تجليات الرحمة.وهنا يتضح الفارق الشاسع بين العبد من عباد الله حين يُملَّك ويقتدر فيصبح قوي بمال،أو جاه،أو قوة بدن،أو قوة علم،أو ما شابه،ولله المثل الأعلى،بين المليك المقتدر الذي علا ملكه،وقدرته،وقوته،وسلطانه فتغلب تجليات رحمته، هو رحمن وهي صفة مبالغة وليس فقط رحيم،حتى نفهم العلاقة بيننا وبين الله (جل شأنه). الله قادر علينا وهذا صحيح ولكن تلك القدرة لا تخرجه عن رحمته (جل شأنه)،حتى تبقى أبواب الرحمة مفتوحة أمامنا في علاقتنا معه (جل شأنه)،حتى لا يغلب علينا وعلى ضعفنا في أي وقت من الأوقات أن نستشعر أن الله (سبحانه وتعالى) لقوته وقدرته علينا لن يتداركنا بلطفه ورحمته أبدًا.السورة جاءت تجلِّي هذه المعاني (مليك،مقتدر،رحمن).هذه الأيات والصفات العظيمة التي تجعل العلاقة بين العبد وخالقه علاقة محبة،علاقة قائمةعلى الحب لله (سبحانه وتعالى)،ونحن ذكرنا فيما ذكرنا أن الفارق شاسع بين أن تقوم بما يأمرك الله (جل شأنه) وتقف عند ما نهاك عنه بناءًا على الحب لله سبحانه من الطاعة والامتثال،وبين التي هي بطبيعة الحال جوهر ولب مفهوم العبودية له سبحانه،وبين أن تقوم بالأوامر وتقف عند النواهي والمحرمات ولكن بدون أن يكون القلب مفعمًا بحب الله سبحانه،فارق شاسع،ومعنى أن تكون عبدًا حقًا خاصًا لله العبودية الحقيقية هي الامتثال لأوامر الله (سبحانه وتعالى) بحب.كيف يتولد ذلك الحب؟ أنت على الرغم من ضعفك وعجزك كلما تعرفت على شيء وطرف من صفات الله (جل شأنه) كما عرَّفها سبحانه في كتابه المبين كلما ازددت حبًا له،كلما أدركت حاجتك للمحبة،كلما أدركت أن أعظم ما يمكن أن يشعر به قلبك وإحساسك وعقلك أن تحب الله (سبحانه وتعالى)،ونحن نعلم ونرى كثير من الناس في هذا الزمن الذي نعيش فيه غلبت على قلوبهم وعقولهم وأفكارهم حب فلان،وحب علان من البشر،من الخلق فيتيهون في ذلك الحب الذي في كثير من الأحيان يأخذهم بعيدًا عن أوامر الله (سبحانه وتعالى) وطاعته والامتثال،بل بالعكس في الزمن الذي نعيش فيه أصبح الوقوع في حب المخلوقين بوابة ومدلف للتنصل من أحكام الشريعة،فإذا ما سألت أو رأيت أو نظرت إلى واحد من الناس تراه يجري و يحدِّق ويطيل النظر فيما حرَّم الله،ويجري وراء ذاك،ويتساهل في هذا،ويترك ذاك،ويحل ويبيح لنفسه ما حرم الله،فإذا سألت يقول لك:ماذا أفعل وأنا أسير الحب؟ مسمَّيات تعارف عليها الناس ولكنها على غير حقيقتها حتى باتت المحرمات تسمى حبًا وهي أبعد ما تكون عن الحب،لأن الحب هو شعور إنساني نبيل،ذلك الشعور لا ينبغي أبدًا ولا مطلقًا أن يكون أو يصبح بوابة تسوق الإنسان إلى الوقوع فيما حرَّم الله،هذا إذا كان حبًا حقيقيًا،كيف يكون حبًا حقيقيًا؟ يكون كذلك إذا اتصل بتاج ورأس الحب الحقيقي الذي هو حب الله (جل شأنه)،ولذلك كان الحب في الله من أعظم القربات عند الله (سبحانه وتعالى)،لماذا؟ لارتباطه بالحب الحقيقي لله سبحانه.كيف نحب الله؟ هذه إشكالية،فبعض الناس حين تسأله وتقول له:تحب الله؟ يقول لك:طبعًا،الحب هنا ليس مجرد ادعاء،ولا مجرد كلمة نتشدق بها ونتمسك لا،بل الحب المقصود به أنه هو الذي يولد الامتثال لأوامر الله (جل شأنه) وهذا هو الحب الحقيقي،لأن المحب لمن يحب مطيع وليس بعاصٍ ولا بناكرٍ لأنعمه،ولا بجاحدٍ لآلاءه.هذه المعاني العظيمة تكرسها سورة الرحمن المباركة منذ أول كلمة فيها. شيء أخر يرتبط مع نزول الأيات،فحين يصدع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بما قد أُمِر،وفي سياق أيات أُخر ذكرت{قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ}(2) على لسان كفار قريش وكأنهم لا يعرفون الرحمن،هم جحدوا به واستيقنت أنفسهم بصفة الرحمن التي يعلمونها جيدًا ولو أنكروها بألفاظهم، ومنطقهم،ولسانهم،ولكن لسان الحال يعرف تمامًا من هو الرحمن،والأيات جاءت ردًّا،وردًّا كذلك على ماكانوا يدعون فيقولون بأنه يُعَلِّمَهُ بشر،ولكن هذا القرآن لا يُعَلِّمَهُ بشر بل يُعَلِّمَهُ الرحمن،ورغم كل هذه الملابسات إلا أن بدايات خطاب القرآن العظيم للثقلين في هذه السورة المباركة والتي انفردت به هو {ٱلرَّحۡمَٰنُ (1)}،صحيح يوجد في كتاب الله أيات كما في سورة الذاريات في قوله:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)} وفي أيات وسور أُخر مثل سورة الجن،ولكن السورة التي جاءت تخاطب الثقلين برسالة القرآن هي سورة الرحمن والتي بدأت بــــقوله:{ٱلرَّحۡمَٰنُ (1)} الكلمة التي يقيم الأساس والعلاقة بينه وبين خلقه (جل شأنه) الرحمة،فأنت وأنا إذا ما استحضرنا كل هذه الأجواء وأدركنا أن أوامره (جل شأنه) ونواهيه وما كلفنا به،وقضاء الله (سبحانه وتعالى) فينا وأقداره في الخلق،وسنن الخلق الماضية في الكون،والنفس،والتاريخ،والحاضر،والماضي،والمستقبل،ما أحببناه وما لا نحب لأن الأقدار لا تمشي فقط وفق ما نحب،الله (سبحانه وتعالى) قد يُقَدِّر علينا شيئًا وذلك الشيء لا نحبه بل نكرهه مثل:فقد عزيز، إصابة بمرض،أشياء مختلفة،ولكن الإيمان يقتضي أن تؤمن بالقدر خيره وشره،وكيف ذلك دون أن تعرف أن ما يقدره الله وما يقضيه عليك كله خير،هذه لا تتولد من الفراغ،هذه تتولد من محض العلاقة المبنية على الرحمة،رحمته (جل شأنه) والحب لله،هذا أساس يُبنى عليه، فأنت وأنا كلما استحضرنا تجليات رحمته (جل شأنه) فينا كلما طابت أنفسنا،كلما ازددنا رضًى بقضاء الله وقدره فينا،كلما ازددنا حبًا وفهمًا،كلما استشعرنا بالسكينة،كلما استشعرنا بأن ما يقضيه الله (سبحانه وتعالى) فينا من محض الرحمة فنستقبل تلك الأقضية سواء ما كان من الأقدار،أو ما كان من الأحكام والتكاليف بحب،باستجابة.إذن من أعظم مقاصد سورة الرحمن أنك تتعرف على تجليات الرحمة في نفسك،في الخلق،في الكون،في الرسالة التي جاءت إليك،في الأوامر والتكاليف التي كُلِفت بها وكُلِفَ بها الثقلان، فيما يقضي (سبحانه وتعالى) وما يجازي به عباده يوم القيامة،في أياته ونعمه في الكون،وفي النفس،وفي الخلق،كل هذه الأيات جاءت في سورة الرحمن في ذلك السياق والإطار الذي يبني هذه العلاقة القائمة على الرحمة،قال:{في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55)} ثم قال:{ٱلرَّحۡمَٰنُ (1)}.شيء أخر من أوجه التناسب بين هذه السورة المباركة وبين خواتيم سورة القمر التي جاءت قبلها،كيف تكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر؟ قال سبحانه:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54)فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ(55)} كيف تصل إلى هذا الجزاء العظيم؟هذه منزلة سامقة (نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها)كيف يصل إليها الإنسان؟ قال:{ٱلرَّحۡمَٰنُ (1)} تدبروا في الترابط وعظمته،أنا وأنت وكل البشر بما فيهم الأنبياء لايدخلون الجنة بأعمالهم بل يدخلون برحمة الله،وفي التناسب بين الأيات بين خواتيم سورة القمر ومفتتح سورة الرحمن كما ذكرنا أن الهدف هو تذكير عباده أنكم لن تكونوا،ولن تصلوا في مقعد صدق عند مليك مقتدر ولا حتى بالتقوى التي وصفكم بها (جل شأنه) تفضلًا،وحتى تزداد تواضعًا وخضوعًا لأمر الله سبحانه، واستكانة،وشعورك بحاجتك وفاقتك إلى رحمته وفهمًا بأنك لا تمن على الله بنعمة ولا بطاعة ولا بتقوى،بل الله يمن عليك أن هداك للإيمان،وأن كرَّمك فألبسك ثوب التقوى،قال:{وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ}(3) هذا اللباس الذي ما كان لك أن تشتريه ولا أن تقتنيه، ولكن الفضل للرحمن أن ألبسك إياه وزينك به ثم أثابك بعد ذلك عليه فجعلك في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر كما ورد في الأيات التي أعقبها بقوله:{ٱلرَّحۡمَٰنُ (1)} فيالها من أوجه للتناسب رائعة.هذا لا تصل إليه إلا برحمته لا بعملك، ولذلك النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكَّر أصحابه وذكَّرنا بهذه المعاني أن لا أحد يدخل الجنة بعمله،فقالوا له:ولا أنت يا رسول الله؟قال:ولا أنا إلا أن الله (سبحانه وتعالى) هو الذي يتغمد العباد ويدخلهم برحمته في رحمته،فكلها رحمة،وأنت محاط بالرحمة. الرحمة التي لا ننفك عن حاجتنا إليها،فنحن أحوج ما نكون إلى رحمته سبحانه قبل أن نكون،وبعد أن كنا،وحين نكون،وحين لا نكون،لأننا بعد ما سنكون سنتحول إلى تراب هذه الأرض فنكون كذلك أحوج مانكون إلى رحمته،حاجة لاتنفك عنا،نحن أحوج مانكون إلى رحمته في كل سكنة، في أنفاس الحياة التي تتنفسها،ولذلك من أعظم الدعاء،وأعظم النداء:”يا أرحم الراحمين ارحمني،أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين” فأنت لا تدخل لا بعملك الصالح،ولا بحسبك،ولا بنسبك،ولا بمالك،ولا بصداقاتك،ولا بأي شيء بل تدخل برحمته.هذا المعنى لا ينبغي أبدًا أن يفارق العبد المؤمن،وكلما زاد المؤمن استحضارًا لذلك المعنى زاد إخلاصًا،وزاد صدقًا،وكان قريبًا من رحمة الله،فرحمة الله قريب من المحسنين مصداقًا لقوله:{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}(4) كيف تصبح رحمة الله قريب من المحسنين؟ تدبروا في ترابط معاني وأيات القرآن،فكما ورد في الأية السابقة على السؤال أنت لن تترقى في مرتبة الإحسان،ولن ترقى،الإحسان أعظم المراتب فكيف تترقى بها؟برحمته (جل شأنه)،كلما استحضرت الحاجة إلى الرحمة،وأنك لا تقوم بعمل صالح، ولا يفتح لك باب،ولا تتصدق بصدقة،ولا يأتيك فقير يطرق بابك فتعطيه مما أعطاك الله،ولا مريض فتساعده،ولا أب،ولا قريب،ولا صديق،ولا بعيد ويمُن الله عليك بأبواب الخير فتكون عونًا له إلا من جوانب وتجليات رحمته،تدبروا معي في هذه المعاني التي كلما ازددت إدراكًا وشعورًا واستحضارًا لها كلما ازددت إحسانًا للخلق فترقيت في درجة المحسنين فكانت رحمة الله سبحانه قريبة من المحسنين. ثم تدبروا معي مرة أخرى في بدايات السورة مع ماقبلها من نهايات وخواتيم سورة القمرقال:{فِي مَقْعَدِصِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ(55)} ثم {ٱلرَّحۡمَٰنُ (1) عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ (2)} لأنك لن تدخل عند مليك مقتدر،ولن تدخل في رحمة الله،ولن ترتدي وتلبس ثوب التقوى إلا بقربك من هذا القرآن،وكلما ازددت تعلمًا لهذا الكتاب كلما ترقيت في هذه الدرجة العظيمة،كلما سمت نفسك،كلما تعلمت،كلما تزينت أخلاقك،وصفت روحك،وطهر عقلك،تدبروا في هذه المعاني المترابطة العظيمة .وتدبروا معي في أول السورة مع خواتيمها،قال: {ٱلرَّحۡمَٰنُ (1) عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ (2)} ثم في نهايتها{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ (78)} الثناء على الله بما هو أهله المستحق للثناء ولا يستحق الثناء سواه،فكانت الرحمة،وصفات الجلال،وصفات الإكرام تتسق مع هذا السياق الذي جاءت به السورة في بداياتها {ٱلرَّحۡمَٰنُ (1) عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ (2)} فبعد صفة الرحمن جاء بأعظم صفة من صفات وتجليات رحمته بعباده هو هذا الكتاب العظيم،تدبر معي في هذه المعاني المباركة.ثم الأية التي سنقف عندها طويلًا والتي تأكدت في إحدى وثلاثين موضعًا في هذه السورة المباركة،وهنا في نهاياتها قال:{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77)} هي تأكدت ولم تتكرر،لأن بعض المفسرين والعلماء يقول تكررت، ولكن هي في كل مرة تذكر فيها يتأكد فيها معنًى جديدًا ما كان قد تأكد في الأية.هذه الأية لا تقرأ هكذا فقط،ولذلك أنا وأنت مطالبون في كل مرة نسمع فيها الأية هذه أن نقول:لا نكذِّب ربنا بشيء من نعمك ربنا فلك الحمد،أو كما جاء في حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الرد،التفاعل ما بين القارىء وما بين المستمع لهذه الأية المباركة المتلقي لها وما يقوله،ليس فقط قولًا بل أيضًا فعلًا وعملًا يُذكِّر نفسه به.وفي خواتيم سورة الرحمن قال:{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77)} مخاطبًا الجن والإنس ثم قال:{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ (78)}وفي تناسب مع سورة الواقعة التي بدأهافقال:{إِذَاوَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ(1)لَيۡسَ لِوَقۡعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ(3) إِذَارُجَّتِ ٱلۡأَرۡضُ رَجًّا(4)} فما وجه التناسب؟ واحدة من أعظم أوجه التناسب،وسنقف عند ذلك طويلًا،أنه كما قلنا أن أية {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} هي ليست كما فسرها معظم المفسرين والعلماء،ففي تفسيرهم بدأوا بالمعنى لكلمة ومفردة ألاء التي هي النعم معنًى،وهي من حيث العدد جمع ومفردها (إلي)،ولكن ليس المعنى نِعَم كما قالوا،فأنت لو تدبرت في كتاب الله (جل شأنه) لوجدت أن الله (سبحانه وتعالى) جاء بكلمة ومفردة النِّعَم والتي ذُكِرَت كثيرًا في كتاب الله بكل تصاريفها(نعمة،أنعُم،أنعَمَ)،أما ألاء فذكرت في كتاب الله (جل شأنه) في سورة الأعراف،ثم بعد ذلك في سورة النجم،ثم في سورة الرحمن التي تميزت بها،ولكن ما هي الألآء؟ هي الفعال العجيبة،عجائب قدرة الله (سبحانه وتعالى)،عجائب حكمته،ولطفه،وبطشه،وقدرته،ولكن هذه العجائب أُحيطت ولُمَّت بأي شيء؟ بصفة الرحمة الموصوف بها (جل شأنه) في مفتتح السورة،قال:{ٱلرَّحۡمَٰنُ (1)} وهذا يؤكد على أوجه التناسب كما ذكرنا بين خواتيم سورة الرحمن وافتتاحية سورة الواقعة،قال:{إِذَاوَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ (1)لَيۡسَ لِوَقۡعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)} إذن ما الوجه؟ أن هذه الواقعة هي من أعظم دلائل وألاء الله وعلامات بطشه وقدرته سبحانه (جل شأنه)،وكما ذكرنا في معنى الألآء أنها الفعال العجيبة، فليس هناك ماهو أعجب من هذه الواقعة.تدبروا في الربط،عجائب القدرة،عجائب اللطف،عجائب الرحمة،عجائب البطش،قال:{إِذَاوَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ (1)لَيۡسَ لِوَقۡعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)} وهو الذي يُجلِّي هذا المعنى للألآء،وليس أن الألآء هي النِّعَم.وكما ذكرنا ونذكر دومًا أن القرآن ليس فيه ترادف،بل كل كلمة ومفردة لها معناها الخاص في موضعها،والقرآن ذكر نِعَم وأنعُم ونعمة وذكر ألآء،فالألآء مقصودة لذاتها بمعنى الفعال العجيبة، ولذلك ألآء الله (سبحانه وتعالى) ثابتة لا تتغير،واحدة من السنن،كما سنأتي عليها في سورة الأعراف على سبيل المثال حين نبدأ بتدبر السورة،حين ذُكِرَت وكان الكلام عن أي شيء؟ عن قوم عاد وكيف أن الله (سبحانه وتعالى) استخلفهم بعد قوم نوح،قال:{ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(5) الذكر هنا لألآء الله ليس بمعنى نعمة الله على قوم عاد بأن جعلهم خلفاء فحسب لا،لأن السياق في سورة الأعراف جاء بعد الحديث عما وقع لقوم نوح من الطوفان،وهذه واحدة من أعظم الألآء بمعنى الفعال العجيبة لصنيعه (جل شأنه) ودلائل قدرته وبطشه بعباده الكافرين،قال:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)}(6) وقال:{فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ} في سياق أي شيء؟ في سياق الاستحضار الذي يجعلكم تستحضرون دومًا نهاية المكذبين من أمثال قوم نوح فلا تقعوا فيما وقعوا فيه وتتذكروا دائمًا {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ} وفعاله العجيبة وسننه في البطش بخلقه المكذبين،وقدرته استحضروها.وفي موضع ثاني أيضًا في سورة الأعراف قال:{فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}(7) لماذا مع النهي عن الفساد؟ لأنك أنت كلما استحضرت سنن الله وقدرته،ودلائل وعجائب بطشه وأياته،ولطفه كلما انتهيت عن الفساد،وأحجمت عن البغي والظلم والعدوان،بمعنى أخر:لو أن الظالم استحضر قبل أن يبطش بالضعيف المظلوم أن الله أقدر القادرين عليه،وأن الله (سبحانه وتعالى) قادر على أن يبطش به وأن يأخذ على يده،وقادر على أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر بالله عليك أكان وقع في الظلم؟ إذن هو حين يقع في ظلم الضعفاء والمستضعفين الأخرين إنما يقع في حالة غيبة هذا المعنى عن ذهنه وخاطره وعقله وفكره،غاب عن باله أن الله قادر عليه كما غابت ألآء الله فما استحضرها،ولذلك جاء الأمر بتذكرها في سورة الأعراف،قال:{فَاذْكُرُو} لأجل أي شيء؟ لأن ذكرك لألآء الله ودلائل بطشه (سبحانه ونعالى) وعجائب لطفه في خلقه وقدرته تجعلك تقف عند ما أمر الله ومانهى عنه،تستحضر هذه المعاني،فأنت كلما استحضرت كل ما حدث لقوم نوح، وكيف فاجأهم ذلك الطوفان الذي أكل وذهب معه كل شيء،وانتهت الحياة في ذلك الموضع. ثم بعد ذلك أراد الله (سبحانه وتعالى) أن يجعل قوم عاد أولو قوة،وبسطة في الجسم والعلم،وحضارة،هذه أية من أيات الله سبحانه وليست فقط نعمة وأنعمها لا،لأن النعمة بمفهومها تعني الحالة الحسنة التي عليها الفرد أو المجتمع أو الحضارة أو الأمة،والقرآن هنا لا يريد أن يُذكِّرَك فقط بحالتك الحسنة حتى الألآء بالنعمة،وإنما يريدك أن تستذكر عجائب قدرته فيما خلق،عجائب قدرته في مصائر الأقوام والأمم،في نهايات الأقوام السابقة حتى تستوعب أن الله قادر عليك،وأنا وأنت ندرك تمامًا هذه المعاني حين نفهمها بهذا المعنى،حين ننظر إلى الحضارة المعاصرة،حضارة العلم والتقدم والتكنولوچيا،ولكن لماذا زاد الناس بطشًا بغيرهم؟لماذا زاد الظلم وارتفع منسوبه في العالم؟ لأن الإنسان اغتر بما أنعم الله به عليه فنسي ألاء الله عليه،تدبروا في هذا المعنى. الإنسان حين يغتر بما يفتح الله له من نعم من المال،والصحة،والعلم،والقوة،والأمن،والاستقرار،إلى أخره،فهذه نِعَم،فإذا ما اغتر بتلك النِّعَم وبطر نسيَّ ألاء الله وعجائب قدرته (سبحانه وتعالى) ولطفه،قدرته على خلقه،وهذه إشكالية خطيرة من الإشكاليات التي تواجه الحضارة المعاصرة،اغترت بالعلم،اغترت بالقدرة فنسيت ألاء الله فالله يذكِّرها،ولذلك في سورة الرحمن من أعظم مايميزها {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} لماذا في كل هذه المواضع يؤكد هذه المعنى؟ لأن الرسالة التي لا ينبغي ألا يُكذِّب بها ولا ينساها الثقلان هي ألاء الله (سبحانه وتعالى)،أما وأنك لا تُكذِّب ياجن ويا إنس،أما وأنكما لا تكذبان بأي شيء من ألاء الله ولا عجائب لطفه وقدرته،إذن من لا يُكذِّب عليه أن يعمل باليقين،عليه أن يعمل بما صدَّق به،أنت تُكذِّب بشيء من ألاء الله سبحانه؟لا تُكذِّب. تُكذِّب أن الله قادر على عباده بالموت والمرض والتعب؟ لا،الله قادر على عباده،هذه من الألآء التي لا تتغير ولكن النِّعَم تتغير، فالأمن ينقلب خوفًا،والغنى ينقلب فقرًا،والصحة تنقلب مرضًا،والشباب ينقلب شيخوخة. قال:{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} في سياق الإنكار،أما وأنكما لا تكذبان بشيء من هذه الألآء فأنى لكما ألا تستحضرا هذه الألآء؟ تدبروا في الربط،لماذا؟لأن القصد من التأكيد والتذكير بهذه الألآء أن تستحضر ألآء الله التي هي الفعال العجيبة له سبحانه (جل شأنه) في عباده،في التاريخ،في الحاضر،في الواقع،في كل شيء.كلنا نشهد هذه الألآء ولا نكذِّب بشيء منها،فمن لا يكذِّب بهذه الألآء ألا يتقي هذه الألآء؟ لذلك في سورة النجم وفي ذات السياق قال:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ(55)} مخاطبًا الإنسان الذي يشكك،ويجحد،وتلتبس عليه الأمور،وتختلط عليه الأوراق بأي ألآء ربك تتمارى؟بأي عجيبة من العجائب أو بأي فعل من أفعاله (جل شأنه) تشكك؟ قدرته على الإحياء أم الإماتة؟قدرته على أن يشفي المرضى؟ قدرته على الهداية بعد الضلال؟ قدرته على أي شيء تشكك وتتمارى؟ تدبروا في القرآن كيف يبني الإنسان والإيمان واليقين الإنساني.ولنا أن نستحضركل هذه المعاني كما نستحضر دومًا أن هذه السورة من أوائل مانزل حتى يكون البناء قويم،قوي،شديد،صلب،قائم على أرض صلبة لاتهتز ولا تضطرب بها الأفكار والأوهام والشكوك والشبهات والشهوات،تدبروا معي في هذه الأيات والتناسبات العجيبة الفريدة التي توضح لنا عظمة هذه السورة المباركة،وتبين لنا منذ بداياتها أن هذه السورة،سورة الرحمن هي من أعظم أوجه وأشكال رحمة الله (جل شأنه) بعباده هذه السورة المباركة.والسؤال هنا هل تريد أن تتعرض لرحمة الله (سبحانه وتعالى)؟ اعلم أن رحمة الله قريبة من المحسنين،قريبة منك بقدر إحسانك في الإيمان والتقوى والخوف من الله (سبحانه وتعالى) واستحضار ألآءه واليقين بها والإحسان بالتالي إلى خلقه. إنك لن تحسن إلى خلقه إن لم تتعلم كيف تحسن إلى خالقك سبحانه بالإيمان،والتصديق،والتعظيم،والتوقير له (جل شأنه) كما أمرك أن تفعل في كتابه العظيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله تدبرات قيّمة مع القران
جزاكم الله خيراً . هل ممكن تترجم التدبيرات القرانية للغة الفرنسية
الله يكرمك ويزيدكم من فظله
بارك الله فيكم هناك بعض الترجمات للفيديوهات والعمل سجري على بقيتها بإذن اله تعالى
ربي يبارك