بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توقفنا في المرة السابقة عند التعرف على بعض أسماء الله عز وجل وصفاته حتى نصل من خلال هذه المعرفة وإن كانت بسيطة ولا تزال في بداياتها إلى خطوات محبة الله. لا زال حديثنا عن إشغال القلب بحب الله عز وجل لا زلنا في هذا الحديث لم نخرج منه بعد.
اليوم سنتحدث عن صفة من صفات الله عز وجل نحتاج إليها ونحن في رحلتنا وخطواتنا الأولى نحو ملء القلب بمحبة الله عز وجل، قلوبنا لا تزال فيها جروح، جروح العلاقات السابقة التي كنا قد بدأنا بإيقافها لا زالت قلوبنا غضة طرية لم تشفى بعد من التعلق بالأشخاص وبالأشياء، هذه القلوب تحتاج إلى علاج ونحن بصدد العلاج إن شاء الله.
اليوم حديثنا عن صفة الشكور. الله سبحانه وتعالى شكور على أن الله سبحانه وتعالى غني مالك الملك كل ما في الكون لا يخرج عن قبضته وعن ملكه سبحانه، إلا أنه يقبل منا حتى الشيء البسيط البسيط الذي لم نقم به، كيف؟ الشيء الذي لم أقم به بعد ولكني قررت أن أقوم به، بمعنى آخر أنا اليوم إتخذت قراراً أن أقطع تعلقي بالأشخاص التعلق الذي تكلمنا عنه في المرات السابقة، أنا اليوم قررت أن أشغل قلبي بالله عز وجل قررت بصدق عزيمة صادقة بيني وبين الله لم أحدّث بها أحداً ولكني صدقت مع الله ثم حدث أي طارئ ربما مت ربما حصل فيّ أيّ شيء كيف سيكون جزائي عند الله عز وجل؟ على هذه النية، على هذا العزم الصادق. مجرد أن أبيّت في قلبي أني سأفعل هذا ربي عز وجل يقبله مني ويرفع به درجتي أيضاً ويعتبر أن هذا الذي قمت به من نية صادقة وصدق معه من أعظم وأحسن أعمالي التي أجازى بها. فتأمل معي للحظات ما هي عظمة أن يكون الله سبحانه وتعالى شكوراً وهذه هي صفة الشكور.
إستوقفتني آية في سورة التوبة يقول الله عز وجل فيها محدّثاً لنا عن كما نعلم سورة التوبة حدثت مع غزوة تبوك أحداث غزوة تبوك الغزوة التي كانت شديدة على المسلمين الجيش فيها سمى جيش العسرة ما كان معهم عتاد ما كان معهم كفاية من زاد الجو كان حاراً جداً كانت شديدة ولذلك سمي جيش العسرة. النبي عليه الصلاة والسلام خرج مع أصحابه وكانوا يعانون معاناة شديدة الرحلة كانت طويلة حتى ظهرت البثور والتقرّحات في أقدامهم من السير من شدة الحرارة! يقول الله عز وجل فى سورة التوبة في الآية مائة وعشرين (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {120} وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {121} التوبة) الله على هذه الآية! (وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً) خطواتي في الخير الذي أريد، النفقة لا يتقبلها الله عز وجل لأنها دينار أو لأنها ألف دينار أو لأنها مليون دينار، ما يتقبله هو التقوى هو عزمي هو صدقي مع الله وأنا أقوم بهذا العمل الذي أقوم به. ولذا النبي عليه الصلاة والسلام في تلك الغزوة تحديداً ذات يوم كان جالساً بين أصحابه وقد أنهكهم التعب والسير كما قلنا في تلك الأجواء الصعبة قال: “إن فى المدينة أقواماً ما قطعنا وادياً ولا جبلاً إلا كانوا معنا وشاركونا في الأجر” فاندهش الأصحاب من حوله وقالوا: كيف يا رسول الله؟ هم في المدينة لم يأتوا معنا ونحن هنا نعاني ونقاسي كيف يكتب لهم من الأجر مثل ما كتب لنا؟ قال: “حبسهم العذر”، منعهم مانع، هم صدقوا في التوبة هم صدقوا في العزيمة هم صدقوا في إرادة القيام بالفعل بينهم وبين الله عز وجل ولكن حصلت ظروف منعتهم، عذر معين فما قاموا بالعمل ولكن حسب الله لهم واحتسب لهم هذه النية وكأنها قيام بالعمل الذي لم يقوموا به، هذا ما نريد الوصول إليه. تأملي وتدبري في كيفية شكر الله عز وجل للأعمال التي أنا أقوم بها. أعمالنا بسيطة تفريطي وتقصيري في جنب الله كبير ولكن عملي البسيط البسيط أحياناً الذي حتى لا يرى النور لأني لم أقم به هو مجرد نيّة ولكن نيّة صادقة يُحتسب لي والله عز وجل يجزيني به خير الجزاء. ولذا في موضوعنا الذي نتحدث فيه في تلك العلاقات التي لا زلنا نحن في الكلام عنها والتخلّص منها في تعلقنا بالأشياء التي حولنا في صدقنا في السير إلى الله أنا صدقت مع الله أنا أريد أن يكون قلبي مشغولاً به وحده إذا صدقت في النية وعزمت وقررت وإتخذت قراراً قراراً جريئاً كما قلنا ولكنه قرار صادق لحظة إنفعال لحظة صفاء لحظة صراحة مع الله عز وجل أن يا رب أنا قررت أن أهب قلبي لحبك، هذا القلب أريد أن أجعله وقفاً لحبك أنت وللحب فيك كذلك كما سنتعلم بعد ذلك. هذا الصدق أنا بحاجة إليه، هذا الصدق وهذه العزيمة أنا بحاجة إليها، الله سبحانه وتعالى سيجزيني على هذا سيعطيني سيفتح لي الأبواب سييسر لي الأمور مهما كانت العلاقة متجذرة في قلب الشاب أو الشابة مهما كان تعلقنا بالأشياء متجذر نتيجة لإنشغالاتنا وتفرعاتها المتعددة الله سبحانه وتعالى سيأخذ بيدي سيعينني سيتقبل مني سيكبِّر هذه النية الصادقة العظيمة ويجعله من أفضل الأعمال. ولذا علينا اليوم أن نصدق في النية وفي العزيمة مع الله سبحانه وتعالى على فتح صفحة جديدة وحتى وإن تعثرت مرة أو مرتين وعشرة المهم أني كلما أعود إلى الله أعود بصدق وأعود بعزيمة صادقة وقلب مقبل على الله عز وجل.
(تفريغ صفحة إسلاميات حصريًا)