بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدأنا بتحليل مشاعرنا وعواطفنا، بدأنا بمحاولة التقرب من قلوبنا لإدراك ما الذي يشغل هذه القلوب. توقفنا عند قضية التعلق بالأشخاص أو ما يطلق عليه الحب بين الشباب والشابات. توقفنا عند نقطة الهوى لماذا ننجرف وراء هذا الهوى؟ لماذا ننجرف وراء هذا الحب؟ لماذا ننجرف وراء العيش في عالم من الخيال صنعناه بأيدينا بأفكارنا بخواطرنا بقلوبنا التي شغلت؟ أصبحنا ليل نهار نفكر في ذلك الشخص، وقعنا في الأسر وقعنا في الفخ ولا ندري ما هي النهاية؟ قلنا وحددنا السبب بأنه هو الهوى قلنا أن الهوى تميل إليه النفس بأشكال مختلفة يصبح في قلوبنا كالإله المعبود يأمرنا فنطيع يقول لنا فنمشي حسب ما يقول لنا ويوجهنا، لم يعد هناك ناصح في حياتنا، لم يعد هناك منطق في عقولنا وفي قلوبنا وفي واقعنا نهتدي به لأننا قد وقعنا أو أوقعنا أنفسنا على وجه الحقيقة في فخ وفي أسر الهوى. حينها فقط حين يصبح الإنسان أسيراً لهذا الهوى يفقد العقل المنطق حتى النصيحة حين تأتي من أعز الناس أو أقرب الناس ربما أم ربما أب ربما أخ ربما صديقة ناصحة لا أستطيع أن أستمع إلى هذه النصيحة فهي لا تعلم عن طبيعة العالم الذي أنا أعيش فيه ثم إن هذا الشاب أو هذا الشخص الذي إرتضيته الآن ليكون فعلاً مصاحباً لي في علمي المنسوج من الخيال هو شخص خارج مواصفات البشر هو شخص قد جاء من كوكب آخر نزيه نظيف لا يعرف الغش ولا يعرف الخيانة ولا يعرف الكذب لا يعرف سوى النزاهة والصدق والعفّة لم يجرب الحب من قبل إلا مع هذه الفتاة أو هذه الشابة هكذا يزين لها الهوى ولذلك الله عز وجل يقول (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا {43} أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَو يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا {44} الفرقان) الهوى يفقد الإنسان صوابه يفقد الإنسان عقله يصبح الإنسان عدو نفسه عدو منطقه لا يستمع لنصيحة ناصح أو نقد ناقد أو حكمة حكيم، يغترّ برأيه ونفسه ويعتقد انه الشخص الوحيد في العالم هو والحبيب الذي أحبه الذي يمتلك الصواب والحقيقة المطلقة أما البشر الآخرون من حوله فهم أناس لا يعرفون شيئاً أناس في غاية من الجهل أناس في غاية من التعقيد فقدوا عقولهم لا يعلمون شيئاً لا يعرفون حكم هذا الزمان ولا يعرفون قوانينه. فهنا يزداد الأمر وطأة يزداد الهوى تجذراً في قلب الإنسان. النفس لها في هذا الهوى رغبة من فعل من قول من مقصد تميل إليه. بعض العلماء قالوا كلاماً جميلاً قالوا ما سُمّي هوى إلا لأنه يهوي بصاحبه، وقال إبن عباس رضى الله عنهما (شرُّ إله يعبد في الأرض هو الهوى)، إله يصل بالإنسان إلى شيء لا نهاية من ورائه إلى طريق مسدود إلى طريق مظلم طريق متعثر .
هذا الهوى لا يقود إلى خير أبداً لا يقود إلى خير بل لا يأتي بخير على الإطلاق. ما الذي أفعل به؟ كيف أتعامل به؟ النبي عليه الصلاة والسلام وهو نبي كان يتعوذ بالله من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء كان يقول كلاماً في غاية الخطورة يقول (سيخرج من أمتي أقوام تتجارى (أي تتسابق) بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقي منه عرق ولا مفصل إلا دخله) لا يبقى منه أبداً بمعنى آخر أن الهوى يتغلغل في جسم الإنسان في عقله في روحه في قلبه في كيانه لا يدع له شيئاً إلا ويتغلغل فيه ويدخل فيه. هذا الأمر في غاية الخطورة، الإمام علي رضي الله عنه يقول كلاماً أخطر يقول (إن أخوف ما أخاف عليكم إتباع الهوى وطول الأمل فإتباع الهوى يصدّ عن الحق وطول الأمل يُنسي الآخرة)، وقال رجل للحسن البصرى يا أبا سعيد أخبرني أي الجهاد أفضل ؟ قال جهاد هواك، أى بمعنى آخر أن أخالف هواي أن أنظر ما الذي يأمرني به هواي، هواي على سبيل المثال يقول لي إتصلي به أخرجي معه إذهبي معه في نزهة لمدة ساعة وأنتم في مكان عام كل الناس من حولكم لن يحدث خلوة لن يحدث ما تخافين لن يحدث يزين لي الأمر مجاهدة الهوى أن أفعل ضد ما يأمرني به الهوى. ودعوني هنا أنبه على نقطة في غاية الخطورة أحياناً يأتي مع الهوى شيطاناً من شياطين الإنس صاحبة سوء أو صاحب سوء يزين للإنسان عمله يزين عمل السوء ولذا ربي عز وجل يقول (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا (8) فاطر) هذا الأمر في غاية الخطورة العمل سيئ وقبيح ولكنى أراه حسناً كيف؟ هناك من زيّن لي الهوى، نفسي العدو الداخلي، والعدو الخارجي صاحب السوء أو صاحبة السوء يزينون العمل وأحياناً ودعونا في غاية المصارحة نكون بعض من هؤلاء يكون بالفعل قد وقعوا في مثل هذه المواقف السيئة فيريدون أن يوقعوا كل من حولهم. بعض الفتيات لا سمح الله تكون هي قد وقعت في الفخ أو في الأسر وقعت ضحية هي في الأصل ضحية ولكنها عوضاً عن أن تتحول من ضحية إلى إنسانة تُرشد وتنبه وتغير وتصحح وتخرج من هذه الكبوة والعثرة إلى الطريق الصح إلى النور إلى الصواب فتحذر الأخريات من الوقوع في مثل هذه المواقف نراها تبدأ بمحاولة أن تجرف كل من حولها كل من تتعرف إليهم إلى الطريق الخطأ إلى الطريق الذي لا يقود إلا إلى الإنحراف فتزين العمل تزين السوء وتبين وكأن الأمر لا يعني شيئاً الأمر في غاية البساطة، نحن نخرج في مكان عام أمام كل الناس دون أن تعرض لهذه الفتاة ولو على سبيل التبسيط فقط ما الذي يمكن أن يترتب علي ذلك من إساءة للسمعة من بعد عن رضى الله عز وجل من إنشغال القلب من إنحراف الخواطر من التصرفات غير السليمة .
نحتاج اليوم إلى جلسة مصارحة مع القلب نحتاج أن نفتح القلوب حتى ولو كان بها جروح دعونا ننظر إلى الجرح من قريب ليس لأجل أن نثير هذا الجرح أو نعمقه إطلاقاً ولكن لأننا نريد أن نداويه، ولن يكون هناك دواء أو علاج على وجه الحقيقة دون أن يكون هناك تشخيص دقيق وهذا ما نريد أن نقوم به .
غداً بإذن الله نلقاكم في لقاء جديد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.